لماذا تُركت عملية ملء الشواغر في المناصب الوزارية لتتم خلال الساعات الثماني والأربعين السابقة لبدء دور الانعقاد، على الرغم من التصريحات المتكررة لعدة وزراء بأن التعيينات جاهزة وستتم خلال مدة كافية قبل دور الانعقاد؟لا يمكن وصف المشهد السياسي الحالي إلا بالضبابية وعدم الوضوح اللذين يبدو أنهما أصبحا إحدى سمات الوضع السياسي المأزوم في البلد، فهناك أمور عديدة تثير الكثير من الأسئلة والناس دائماً تبحث عن إجابات شافية لتطمئن، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بحياتها ومستقبلها. فعدم استقرار الوضع السياسي ينعكس سلباً على حياة الناس ونفسيتهم وإنتاجيتهم.
ومن ضمن الأسئلة المقلقة، هناك أسئلة تتعلق بعمليتي الإقالة والتدوير اللتين تُعدان سابقتين في العمل السياسي في الكويت. فالكثير منا يتساءل: لماذا لم يتم ملء الشواغر الحكومية والقيام بعمليتي التدوير والإقالة لتجنب الاستجوابين خلال العطلة البرلمانية الممتدة لثلاثة أشهر، لاسيما أن الأعضاء مقدمي الاستجوابين قد أفصحوا منذ أشهر عديدة عن نيتهم تقديم استجوابيهم؟ ولماذا تُركت هذه العملية لتتم خلال الساعات الثماني والأربعين السابقة لبدء دور الانعقاد، على الرغم من التصريحات المتكررة لعدة وزراء بأن التعيينات جاهزة وستتم خلال مدة كافية قبل دور الانعقاد؟... ثم لماذا تمت إقالة د. عبدالله المعتوق وزير العدل والأوقاف السابق، في ما يعد سابقة في الكويت، خصوصاً وهو يواجه استجواباً ورد ضمنه قضايا تتعلق بذمته المالية، على الرغم من إعلانه عن استعداده للرد على ما أثير في صحيفة الاستجواب وإصراره على عدم تقديمه لاستقالته؟ هل يعتبر هذا اعترافا وإقرارا من قبل الحكومة بما جاء في صحيفة الاستجواب؟ إذا كان الرد بالإيجاب، فلا بد أن تقوم الحكومة الآن بتقديم الوزير السابق إلى المحاكمة؟ وإذا كان بالنفي، فلا بد من توضيح ذلك للرأي العام من باب الشفافية وتبرئة الذمة المالية للوزير.
من ناحية أخرى، لماذا لم تتم عملية تدوير السيد بدر الحميضي وزير المالية السابق إلى وزارة النفط، التي كانت شاغرة منذ ثلاثة أشهر، إلا بعدما تم تقديم استجواب ضده، خصوصاً أن العضو المستجوب قد أعلن منذ شهر ديسمبر 2006، وفي أكثر من مناسبة، عن نيته تقديم استجوابه للوزير؟ ولماذا لم يُسمح للاستجواب بأن يأخذ مجراه الدستوري، لاسيما أن الوزير قد أعلن من ناحيته، أكثر من مرة، عن «تحديه» للعضو واستعداده للرد عليه؟ ثم ألا يُعتبر التدوير بعد تقديم الاستجواب وقبل مناقشته نوعاً من الاعتراف بما جاء في صحيفة الاستجواب، ومحاولة للالتفاف على الأداة الدستورية أيضاً؟ وهو الأمر الذي حدا ببعض الأعضاء وبعض الكتل البرلمانية الى معارضة عملية تدوير الوزير والمطالبة بمساءلته، مما سيوجد عدم تفاهم بينها وبينه من الآن، وهو ما لا يخدم عملية التعاون بين المجلس والحكومة، التي تثير هي الأخرى، أي عملية التعاون، المزيد من الضبابية وعدم الوضوح، خصوصاً مع عدم امتلاك الحكومة خطة تنموية طويلة المدى، وأيضا عدم وجود غطاء برلماني لها في ظل ضبابية طبيعة التحالفات السياسية الجديدة، إن وجدت.
فعلى الرغم مما يُتداول، إعلامياً، حول علاقة هذا الطرف السياسي أو ذاك بالتشكيل الحكومي الحالي، فإن الكتل البرلمانية المختلفة تنفي تحالفها مع الحكومة، باستثناء الحركة الدستورية التي لاتزال ممثلة بشكل رسمي في الحكومة من خلال وزير الكهرباء. فالتكتل الشعبي أعلن ومعارضته لعملية تدوير السيد بدر الحميضي واعتبرها بمثابة عبث في الدستور، والكتلة الإسلامية أعلنت، على لسان بعض أعضائها، عدم مشاركتها، وكذلك فعلت كتلة العمل الوطني بحسب التصريح الصحفي لعضو الكتلة النائب الفاضل علي الراشد، الذي انتقد أيضا طريقة التشكيل والتأخر في إعلان الحكومة.
أمام هذا المشهد السياسي الغائم، هل يمكن لنا أن نتفاءل باستقرار الوضع السياسي؟