Ad

لا ننكر أهمية القضايا المحلية، التي يلاحظ غياب النظرة الاستراتيجية لها في البرامج الانتخابية للمرشحين، لكن من المفروض أن تفرض القضايا العالمية وانعكاساتها على دور الكويت في السياسة الإقليمية والعربية والدولية نفسها وبقوة في رؤى المرشحين خصوصا في ظل المتغيرات الدولية السريعة الجارية في منطقة الشرق الأوسط.

يلاحظ المتابع للشأن الانتخابي الغياب شبه التام للقضايا الإقليمية والعربية والعالمية في البرامج الانتخابية للمرشحين، بمن فيهم أولئك المنتمون إلى التجمعات السياسية، وحتى في الندوات الانتخابية فإن هنالك تركيزا موغلا في التفاصيل السطحية حول القضايا المحلية المؤقتة مع غياب شبه كامل للقضايا العالمية.

من المستغرب ألا يطرح المرشحون رؤاهم ومواقفهم في القضايا الدولية التي لها انعكاس مباشر على مستقبل الكويت، وكأن الكويت بلد مغلق ليس له علاقة بما يجري في هذا الكون، بل حتى أن واقع ومستقبل مجلس التعاون الخليجي لم يتم التطرق إليه في البرامج الانتخابية، ناهيك عن عدم التطرق لمواضيع مهمة مثل مستقبل العلاقات مع دول الجوار خصوصا العراق وإيران أو مناقشة ما يدور على الساحة العربية، ومستقبل العلاقات العربية- العربية والموقف من الصراع العربي الإسرائيلي أو تحديد طبيعة علاقة الكويت بالاتحاد الأوروبي وبالولايات المتحدة الأميركية وسياساتها المختلفة في المنطقة «كالفوضى الخلاقة أو الضربة العسكرية المحتملة لإيران مثلا» أو شكل علاقتنا بحلف الناتو.

كما أنه من الملاحظ غياب موقف أو رأي المرشحين من سباق التسلح ومن الإنفاق العسكري الهائل الذي وصلت ميزانياته في دول مجلس التعاون إلى أرقام خيالية «تقدر بـ300 مليار دولار خلال العقود الثلاثة الماضية» تلتهم الجزء الكبير من الإيرادات المالية لهذه الدول، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية ستنعكس على خطط التنمية المستدامة في هذه الدول. كما لم نر لأغلب المرشحين أي رؤى أو مواقف تجاه السياسة النفطية العالمية وما ترتبه من التزامات محلية يدخل ضمنها ما يسمى مشروع حقول الشمال الذي تلعب فيه الشركات النفطية العالمية ودولها دوراً بارزاً.

لا ننكر أهمية القضايا المحلية، التي يلاحظ غياب النظرة الاستراتيجية لها في البرامج الانتخابية للمرشحين، لكن من المفروض أن تفرض القضايا العالمية وانعكاساتها على دور الكويت في السياسة الإقليمية والعربية والدولية نفسها وبقوة في رؤى المرشحين خصوصا في ظل المتغيرات الدولية السريعة الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وأيضا في ظل الموقع الجيوسياسي للكويت وما يحتمه من التزامات إقليمية وعربية ودولية.

إن عزل الكويت عما يدور في العالمين العربي والدولي يعتبر من قبيل التقوقع المضر، لأننا، شئنا أم أبينا، جزء من هذا الكون نتأثر بما يحدث فيه أكثر مما نؤثر، وعلينا أن نعي ما يدور حولنا حتى يكون لنا موقف عقلاني تجاه القضايا العالمية المفاجئة والسريعة التغير.

من المفروض أن نعرف من الآن درجة إلمام ومواقف المرشح من القضايا الدولية حتى لا يساهم، عندما يصبح عضوا يمثل الأمة، في اتخاذ مواقف تضر بمستقبل الكويت وعلاقاتها الدولية كما رأينا من تصريحات متشنجة لبعض أعضاء المجلس السابق، كانت تنم عن عدم دراية وجهل فظيع بالواقع الدولي.

قد لا يكون المطلوب التفصيل في القضايا العالمية، ولكن لابد من وجود رؤية واضحة ومواقف عامة في ما يتعلق بعلاقاتنا بالعالم الخارجي.