يتولى مجلس الأمة في الكويت مهامه الرقابية على ميزانية الدفاع والإنفاق العسكري، استنادا إلى أحكام ومواد الدستور التي منحت المجلس جميع الوسائل للقيام برقابة فعالة على المشتريات الدفاعية، بينما تسعى الحكومة على الدوام إلى تجنب والالتفاف على تلك الرقابة من خلال التمسك بالسرية الكاملة والمطلقة لتلك المشتريات وعدم الإفصاح عنها، وتتمثل تلك الوسائل الرقابية لمجلس الأمة من خلال الحقائق التالية:

Ad

- يعتمد مجلس الأمة الموازنة العامة للدولة، ومنها وزارة الدفاع وحساباتها الختامية، حيث يتم ذلك بقانون استنادا إلى الدستور.

- عدم جواز النقل بين أبواب الميزانية إلا بقانون.

- عدم جواز تجاوز الاعتمادات المدرجة على الموازنات إلا بقانون.

- ضرورة الحصول على موافقة مجلس الأمة على الاعتمادات الإضافية المطلوبة لوزارة الدفاع، وما اصطلح على تسميته بميزانية تعزيز الدفاع.

- لمجلس الأمة صلاحيات واسعة في إحالة أي مخالفات أو شبهات ترتبط بالمشتريات العسكرية إلى لجان تحقيق أو تقصي حقائق.

- لمجلس الأمة صلاحيات واسعة في طلب الحصول على أي بيانات أو معلومات يراها ضرورية ولازمة.

وبالاضافة إلى ذلك، فان نواب مجلس الأمة يستخدمون وسائل الاعلام في الضغط على الحكومة بصورة غير محدودة، من أجل تعديل مساراتها الدفاعية والسماح بمزيد من الرقابة عليها.

وقد اتضح عبر متابعة التطورات التاريخية، أن هناك تصاعدا في إعمال الرقابة البرلمانية نتج عنها عدة إصلاحات بعضها آني وجزئي، وبعضها الآخر بنيوي هيكلي يمس التشريع والعمل المؤسسي. ومن أهم هذه الإصلاحات إصدار قانون الإفصاح عن العمولات الواردة في التعاقدات الحكومية، وإنشاء لجنة حماية المال العام، وتفعيل دور ديوان المحاسبة.

وقد اتضح أيضا أن العوامل التي تسهم في إضعاف الدور الرقابي لمجلس الأمة على الإنفاق العسكري تتلخص في التالي:

- الموقف الرسمي التقليدي الذي يحاول دوما تجنب الرقابة البرلماني، وإيجاد الوسائل لمنع أو إضعاف تلك الرقابة من خلال تكتيكات متنوعة لعل أوضحها حرص الحكومة على إصدار قوانين ميزانيات تعزيز الدفاع وهي الأضخم ماليا في وقت غياب البرلمان، تجنبا للمناقشة وربما رفضها أو تقييد وسائل صرفها.

- نجحت الحكومة في منح المشتريات الدفاعية حماية خاصة بحجة السرية، حيث تم استثناء المشتريات الدفاعية من الخضوع لاحكام القانون رقم 37/1964، بشأن لجنة المناقصات المركزية، وذلك بموجب مرسوم أميري تحددت بموجبه المواد والمشتريات الدفاعية التي يتم استثنائها مع إعفاء تلك المشتريات من الخضوع للرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، حتى ولو وصلت قيمة المبالغ الرقم الموجب للعرض، وكذا استثناء جميع المباني والمنشآت العسكرية في حالات الضرورة.

- قامت الحكومة باستصدار مرسوم اميري بتشكيل لجنة متخصصة للمشتريات العسكرية لدواعي السرية، وقد أسفرت نتائج الفحص الذي يقوم به ديوان المحاسبة للحسابات الختامية لوزارة الدفاع، عن عدم تمكن الديوان من الحصول على البيانات والمعلومات التي يراها ضرورية ولازمة لممارسة الاختصاصات المناط به القيام بها.

- كذلك فان وزارة المالية لم تقم أو ربما لم تتمكن من فرض رقابتها المالية التي تفرضها عادة على أجهزة الدولة على المشتريات الدفاعية، عن طريق تعيين مراقب مالي لها في وزارة الدفاع ليتمكن من ممارسة الرقابة أثناء التنفيذ. هذا مع عدم منح المراقبين الماليين التابعين لوزارة المالية الصلاحيات الكافية التي تمكنهم من أداء رقابة مالية فاعلة على المشتريات الدفاعية.

- ضعف القدرات الفنية المتوافرة لاعضاء مجلس الأمة في سبيل قيامهم برقابة فعالة على مشتريات الدفاع، بالإضافة إلى عدم توافر أجهزة المتابعة البرلمانية ذات الكفاءة المناسبة.

ويبدو انه على الرغم من وجود وتوافر أدوات دستورية كافية تبدو نظريا كافية ومعقولة نسبيا، إلا أن الطريق لتوافر رقابة برلمانية حقيقية وفعالة على الإنفاق العسكري يحتاج إلى الكثير من العمل والإصلاحات البنيوية، التي يتلخص بعضها في الإجراءات التالية:

- تعديل التشريعات المعمول بها حاليا بشأن المشتريات الدفاعية، بما يؤدي إلى إلغاء جميع النصوص التي تمنح استثناءات للمشتريات الدفاعية من الرقابة.

- تعديل اختصاصات وصلاحيات المراقبين الماليين التابعين لوزارة المالية، ومنحهم السلطات الكفيلة بتمكنهم من القيام برقابة فعالة أثناء التنفيذ واستصدار قانون يحدد اختصاصاتهم.

- تفعيل دور ديوان المحاسبة في الرقابة على المشتريات الدفاعية، وتمكينه من الاطلاع على جميع المستندات والمعلومات التي يحتاج إليها لتحقيق تلك الرقابة، وضرورة إفصاح ديوان المحاسبة عن مدى توافر البيانات من عدمها، وتعزيز دوره تشريعيا في إحالة المخالفات الجسيمة على القضاء.

- استمرارية عضوية النواب في اللجان الرقابية لمدد أطول من دور الانعقاد الواحد، لما يتيحه ذلك من ضمان الاستمرارية في متابعة التفاصيل الخاصة بالرقابة، بدلا من البدء من جديد مع كل دور انعقاد مع أعضاء جدد.

- تطوير آليات مجلس الأمة في متابعة التوصيات الصادرة عن المجلس بشأن تحديد المسؤولية ومحاسبة المتسببين في المخالفات المرتبطة بالمشتريات الدفاعية، وعدم الاكتفاء بتقارير اللجان البرلمانية للحكومة.

- تحديد جلسات خاصة لمجلس الأمة، وكذلك لجان خاصة لدراسة اتجاهات المشتريات الدفاعية وسياساتها العامة، حتى ولو كان ذلك في جلسات سرية، من أجل التعرف بشفافية كاملة على الملابسات والظروف المحيطة بها.