Ad

في خضم تخبط النواب الإسلاميين، واهتزاز صورتهم أمام ناخبيهم، يحصلون على فرصة إنقاذ ذهبية من خلال المقترح الليبرالي الغريب الذي أتى طوق نجاة لإنقاذهم مما هم فيه، بل وليعطيهم فرصة لاستعراض عضلات قوتهم واتحادهم. الأمر أشبه بأحلام الظهيرة!

يستحيل أن يجهل النائب علي الراشد وزملاؤه الذين تقدموا بمقترح تعديل قانون منع الاختلاط أن مسعاهم هذا سيسقط سقوطاً مدوياً عند التصويت عليه في البرلمان لأنه لن يحوز إلا على أصواتهم وأصوات قليلة جداً معها. أقطع بالاستحالة لأني واثق أنهم يعلمون علم اليقين بأن هذا الموضوع بالذات هو من الموضوعات القليلة التي لا يستطيع النواب الإسلاميون الإتيان بأي ذريعة أو حجة أمام قواعدهم الشعبية للتصويت عكسها. إن كان النواب الإسلاميون قد اختلفوا في مواقفهم في التصويت على طرح الثقة عن وزيرة التربية والتعليم ما بين مؤيد ومعارض وممتنع، واستخدم بعضهم لذلك مناورات مختلفة قد انطلت على البسطاء من الجمهور وعلى أولئك الميالين إلى إحسان الظن بنوابهم حتى الرمق الأخير وما بعده، فإنهم لا يستطيعون المناورة ولو بربع درجة هذه المرة، وأي مناورة خاطئة قد تكون قاصمة الظهر لهم في الانتخابات القادمة التي باتت وشيكة!

لذلك فالسؤال هنا، ما قصة هذا المقترح الليبرالي الذي يأتي في الملابسات والظروف والزمان الخطأ على طول الخط، وفقاً للنظرة المباشرة؟!

لولا أنه احتمال بعيد جداً، ولا يستطيع حتى أكثر المتشربين لنظرية المؤامرة تصديقه، لقلت إن في الأمر لعبة برلمانية ليبرالية- إسلامية، وأن هذين التيارين، ويا للعجب، صارا يرتبان الأمور لبعضهما بعضاً، على حساب عامة الناس المنخدعة بما يجري.

لا أكشف سراً حين أقول إن أداء الإسلاميين خلال الفترة الماضية لم يكن جيداً، ولن أقول سيئاً ومخزياً. وانقسامهم واختلافهم في أغلب المواقف والأحداث البرلمانية الماضية، التي كان آخرها استجواب وزيرة التربية والتعليم، ليس خافياً على أحد. لذلك من الصعب أن يصدق الإنسان بأنهم وفي خضم تخبطهم هذا، واهتزاز صورتهم أمام ناخبيهم، يحصلون على فرصة انقاذ ذهبية كمثل هذا المقترح الليبرالي الغريب الذي أتى طوق نجاة لإنقاذهم مما هم فيه، بل ليعطيهم فرصة لاستعراض عضلات قوتهم واتحادهم. الأمر أشبه بأحلام الظهيرة!

لا أريد حتى مجرد التفكير بأن الليبراليين، وتحت وطأة الإحراج الذي وضعتهم فيه وزيرة التربية نورية الصبيح قبيل استجوابها وذلك من خلال تعهداتها للإسلاميين بمزيد من التشدد في تطبيق قانون منع الاختلاط، قد وجدوا أنفسهم اليوم مضطرين أمام قواعدهم للقيام بأي شيء، حتى لو كان على غرار تقديم هذا المقترح المتهافت، الساقط سلفاً.

كنت أظن أن النواب الليبراليين أكثر التصاقاً وشفافية نحو قواعدهم وجماهيرهم من نوابنا الإسلاميين، وأنهم قادرون على شرح أن التوقيت والظروف والملابسات لا تسمح بتقديم مثل هذا المقترح مهما كانت دوافعه نبيلة وتقدمية في نظرهم، ومهما اعتقدوا أن نجاة التعليم والأجيال القادمة ومستقبل الكويت في الاختلاط والتعليم المشترك، وأنه سيكون من قبيل إضاعة الوقت والجهد لما يلقاه من معارضة إسلامية- قبلية مؤكدة في الوقت الحالي، لكن يبدو أني كنت مخطئاً، وأنها لعبة كبيرة، وأن «كله بيضحك على كله» لكن بنكهات مختلفة!