Ad

في تاريخ الحكومات، لم يتم تفعيل بعض القوانين مثلما تم تفعيلها من خلال هذه الحكومة، وهي قوانين أقرتها مجالس وحكومات سابقة، لكنها جُمدت وخُزنت، فكان تفعيلها خطوة أولى لسحب البساط من تحت أقدام المرشحين لانتخابات 2008.

من حيث تدري، أو لا تدري، أجادت الحكومة في تعاملها مع عدد من القضايا العامة، واستطاعت بهذا التعامل أن تسحب البساط من تحت أقدام المرشحين لانتخابات 2008... فلم تترك لهم قضية رئيسية يرددونها وتكون شعاراً انتخابياً قادراً على جذب انتباه الناخبين وكسب أصواتهم من خلال تعاطفهم مع هذه الشعارات.

لقد درجت العادة- سياسياً- أن تكون الحملات الانتخابية التي تترتب على حل مجلس الأمة- دستوريا أو غيره- حملات يعلو فيها الصوت، وتكون شعاراتها شعارات ساخنة تلقى قبولاً وتجاوباً من جموع الناخبين، لكنها هذه المرة... جاءت حملة انتخابية تتسم بالبرود والهدوء «النسبي» إذا ما قورنت بما سبقها من أجواء انتخابية.

وتنحصر برأينا المتواضع أسباب الفتور الذي تتسم به أجواء انتخابات 2008 في محورين أساسيين: أولهما، أن حل المجلس لم يكن لسبب معين بحد ذاته بقدر ما كان محاولة لتجديد العلاقة بين السلطتين، كما نظرت إليه القيادة السياسية، ومحاولة لانتشال البلاد من حالة الاحتقان السياسي الذي عاشته في الأشهر المنصرمة، وثانيهما، وهو محور مهم في قراءة وتقييم أداء الحكومة، حيث تحاول تفعيل القوانين المعطلة والالتزام بإجراءاتها بصرامة وبدعم سام من دون مداراة أو غض طرف عن هذا أو ذاك وتفعيل مبدأ أساسي للإصلاح، وهو العدالة في تطبيق القوانين وسيادتها.

فإذا ما نظرنا إلى قانون تجريم الانتخابات الفرعية والالتزام بإزالة التعديات على أملاك الدولة... كلها قوانين لم تبتكرها هذه الحكومة ولم تنادِ بها، لكنها حين فعلتها وحاولت تجسيدها على الواقع غضب مَن غضب واحتج مَن احتج، وإن كان أغلبهم ممَن شارك في إقرار هذه القوانين واقتراحها.

هؤلاء الذين أقروا قوانين الأمس وأصبحوا معارضين لها اليوم حالهم كحال الكثيرين ممَن أيدوها ذراً للرماد في العيون، آملين أن تسير الأمور على ما كانت عليه، فالعادة هي أن تغيب القوانين ويتم حفظها في الأدراج والمضابط أما التطبيق فأمر يمكن غض النظر عنه، مما كان يشجع التصويت معها وإقرارها كقانون بثقة أنها لن تطبق على أرض الواقع.

للأمانة، وللحق، فإن الحكومة وبما يعتريها من أخطاء ونواقص إلا أنها- من دون مبالغة- أولى الحكومات التي فعّلت قوانين تم تجميدها وتخزينها من دون التفات لضرورة تطبيقها.

التزام الحكومة بالقوانين وسيادتها هو ما كان ينقصنا عبر العقود المنصرمة، وسياسة إمعان النظر وليس غض النظر هو ما كنا نحتاجه، وحين تؤدي السلطة التنفيذية مسؤوليتها كجهة مهيمنة على مصالح الناس وشؤونهم وتؤدي واجبها من خلال تفعيل دورها الدستوري، تستقيم الأمور ويحتار المتصيدون فيما يصطادون.

حين تكون هناك حكومة قوية وقادرة وفعالة في تطبيق قوانين، فإنها تسحب البساط من تحت أقدام المشككين فيها والمتربصين بها، كما تفرش بساطاً أخضر سالماً ومحصناً لمسيرة التنمية.. فتلك مسؤوليتها.