Ad

الآن ما الفرق؟! بنيامين نتانياهو يستل سيفه ويندفع مهاجماً لقطع رأس مؤتمر أنابوليس... والرفض الفلسطيني والعربي والإسلامي أيضاً يجيِّش الجيوش ويتنادى لعقد مؤتمر يُقال إنه سينعقد في طهران بعدما رفضته دمشق، والهدف هو الهدف ذاته... والمثل يقول «عدو عدوي صديقي»!!

صحيح ان أقصى اليمين وأقصى اليسار يلتقيان في النهاية عند نقطة واحدة!... فالذين يقاومون مؤتمر أنابوليس من الفلسطينيين والعرب يقفون مع بنيامين نتانياهو في الدائرة ذاتها. وهذا حصل سابقاً عندما التقى اليمين الإسرائيلي واليسار الفلسطيني والعربي على رفض اتفاقيات أوسلو التي بسببها قتل الإسرائيليون بطلهم التاريخي إسحق رابين وأوصل الفلسطينيون رمز كفاحهم الطويل ياسر عرفات إلى الموت بالطريقة التي مات بها.

وهنا ولأنه لم يعد هناك يسار، لا عربي ولا فلسطيني، ولأن الإسلام السياسي هو الذي حلَّ محل اليسار العربي والفلسطيني بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ومعه المعسكر الاشتراكي فإن «حماس»، وهذه حقائق وليس تحاملاً، قد رفعت الشعار نفسه الذي رفعه اليمين الإسرائيلي المتطرف بعد توقيع اتفاقيات أوسلو في عام 1993، وهو إسقاط هذه الاتفاقيات والتخلص من الذين وافقوا عليها ووقعوا عليها.

كان أرييل شارون يريد أن تحدث تلك الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة التي سُميت «انتفاضة الأقصى» ولذلك فإنه قام بتلك الزيارة الاستفزازية التي قام بها إلى ساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وكانت «حماس» تريد ما أراده رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، فالهدف هو الهدف ذاته، وهو إسقاط اتفاقيات أوسلو، وهو إلحاق ياسر عرفات بشريكه إسحق رابين ولكن من خلال الاغتيال السياسي... وليس الاغتيال برصاص كاتم الصوت.

اليمين الإسرائيلي رفع شعار «لا يوجد الطرف الفلسطيني الذي من الممكن مفاوضته» و«حماس» من خلال تحويل انتفاضة الأقصى إلى مواجهة عسكرية ورفع وتيرة العمليات الانتحارية واكتشاف صواريخ القسّام التي أعلنت أنها ستحقق بها التوازن الاستراتيجي العسكري مع إسرائيل، أجهزت على السلطة الوطنية ودمَّرت صورة منظمة التحرير الفلسطينية، واستمرت على هذا الطريق في خطٍّ بياني متصاعد إلى أن قامت بانقلابها المعروف وفصلت غزة عن الضفة الغربية وحققت للإسرائيليين حلمهم الوردي الذي عملوا من أجله سنوات طويلة.

إسرائيل، ولاسيما بعد أن وصل شارون إلى الحكم متعلقاً بقاطرة انتفاضة الأقصى، بادرت، من أجل التخلص من اتفاقيات أوسلو، إلى تدمير مقومات السلطة الوطنية كلها؛ الأمن ومقراته، والوزارات، والمؤسسات، والاقتصاد، والجامعات والمدارس، والطرق. و«حماس» بدورها بادرت أيضاً من دون تنسيق بالطبع إلى تدمير صورة هذه السلطة وإظهارها على أنها عاجزة وبائسة وغير ذات صلة ومهيضة الجناح... ولا حول ولا قوة.

والآن ما الفرق؟! بنيامين نتانياهو يستل سيفه ويندفع مهاجماً لقطع رأس مؤتمر أنابوليس... والرفض الفلسطيني والعربي والإسلامي أيضاً يجيِّش الجيوش ويتنادى لعقد مؤتمر يُقال إنه سينعقد في طهران بعدما رفضته دمشق، والهدف هو الهدف ذاته... والمثل يقول «عدو عدوي صديقي»!!

هناك ألف عيب وعيب في مؤتمر أنابوليس، وهو قد لا يحقق أي إنجازٍ فعلي للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية والمسألة التي نحن بصددها هنا هي ان أعداء هذا المؤتمر على الجانب الإسرائيلي هم حلفاء وأصدقاء لأعدائه على الجانب الفلسطيني والعربي ومن دون تخطيط ولا مؤامرات بالطبع، ولهذا فإن كل ما قامت به «حماس» منذ أن قامت بانقلاب الرابع عشر من يونيو الماضي وقبل ذلك وبعد ذلك كان بمنزلة خدمة غير مجانية لليمين الإسرائيلي الذي هو بدوره قد قدم لها، وهو لايزال يقدم خدمات متعددة هي بدورها غير مجانية.

* كاتب وسياسي أردني