يعد الشيخ عاصم عبد الماجد من الشخصيات القوية التي أدت دورا مؤثرا ضمن صفوف تنظيم الجماعة الإسلامية في مصر، قبل وبعد إلقاء القبض عليه عندما قاد عقب اغتيال الرئيس السادات بيومين أحداث أسيوط الشهيرة، وأصيب بسبعة أعيرة نارية في ركبته اليسرى وساقه اليمنى فعجز عن الحركة، مما سهل مهمة أجهزة الأمن في الإيقاع به.

Ad

يتمتع برؤى فقهية واستراتيجية جيدة، جعلته أول المؤيدين لمبادرة وقف العنف التي طرحتها الجماعة الإسلامية منذ عشر سنوات. وكان أول من كتب بياناتها، ورد على منتقديها، خصوصا خارج مصر أمثال ياسر السري وهاني السباعي وغيرهما، مع العلم بأنه كاتب أهم أدبيات «الجماعة» وهو كتاب «ميثاق العمل الإسلامي».

ذهبنا إليه على خلفية مراجعات تنظيم الجهاد التي يقودها الآن د. سيد إمام، ورغم تحفظاته في الإجابة -أحيانا- فإنه وضع الكثير من النقاط فوق الحروف في الحوار التالي الذي أجرته «الجريدة» معه في القاهرة:

• بداية... ما تقديرك لمراجعات د. سيد إمام التي تنشر الآن؟

أنا مع مبدأ أن يراجع الإنسان نفسه ويراجع أفكاره ويراجع الخطوات التي يتخذها والخطط التي ينتهجها كل فترة، وأن يحكم ذلك بضوابط من كتاب الله وسنة رسوله، فما وجد فيها من خطأ صححه، وما وجده صواباً يحمد الله تعالى عليه، وأعتقد أن فكرة المراجعات في حد ذاتها فكرة طيبة، وإنكار الذات أيضاً شيء طيب.

وكل من اتخذ خطوة كهذه يثنى عليه فيها، ولا تصح مهاجمته لأنني لاحظت أن بعض الناشطين من «القاعدة» انتقدوا مراجعات سيد إمام حتى قبل قراءتها، وأعلنوا رفضهم لها قبل أن يقرأوها وهذا خطأ.

• كيف ترى قيمة سيد إمام الفكرية ضمن صفوف الجماعة؟

الأخ سيد إمام حسب معلوماتي يمثل قيادة فكرية كبيرة في «القاعدة» وتنظيم الجهاد المصري، ومراجعته بالتأكيد سيكون لها أثر في الطرفين معاً (الجهاد والقاعدة).

• هل تتوقع صدى أكبر للمراجعات خارج حدود الجهاد؟

هذا الأثر سيدفع كثيرين داخل مصر إلى ترك المواجهة المسلحة مع النظام لأنه سيرى أنها حققت مفاسد ولم تحقق مصالح، فضلاً عن التجاوزات الشرعية، فكثيرون يوافقون الأخ سيد إمام على ترك المواجهات داخل مصر وكثيرون ممن انحازوا وتأثروا بكتابات سيد إمام القديمة مثل «العمدة في إعداد العدة» و«الجامع في طلب العلم الشريف» سينحازون أيضاً إلى رؤيته في ترشيد العمل الجهادي.

• وهل تعتقد أن هذا التأثير سيصل إلى «القاعدة»؟

سيد إمام استفز بعض المنتمين إلى «القاعدة» مثل هاني السباعي وغيره، وفي رأيي: إن أعضاء «القاعدة» في العالم سيتحاورون بشأن هذه المراجعات، ربما يظل بعضهم سعيدا بما هو عليه، لكن آخرين سيفكرون في الأمر.

• لماذا هاجم بعض المنتمين إلى «القاعدة» سيد إمام إلى هذا الحد؟

هم ينتقدون ويشككون في الشيخ سيد إمام، وأتعجب لماذا استفزوا بإعلانه وقف العمليات داخل مصر، هل لأنهم يتمتعون بحق اللجوء السياسي في إنكلترا مع مميزات كثيرة منها الاستقلالية في العمل والمرتب.

الأفضل لهم بدلاً من التشكيك في تلك الوثيقة وفي شخص سيد إمام، مناقشة هذا الكلام، هل هو شرعي أم غير شرعي، فإن كان شرعياً أخذوا به وإلا تركوه، بدلاً من التشكيك في الرجل وموقفه والتحدث في أمور لا يصح الحديث فيها، فنحن لنا أكثر من عشرين عاماً داخل السجون قضينا منها عشرين عاماً وصوتنا عال في الحق ولم يفت عضدنا شيء، وطريقتهم في الكلام عن الشيخ سيد إمام طريقة مبتذلة، فالحوار له شروط يجب اتباعها لا التشكيك في مصداقية البشر.

• هناك من يقول إن جماعة الجهاد ليست كياناً واحداً بل هي مجموعات خرجت منها الجماعة الإسلامية؟

تنظيم الجهاد في مصر له خصوصية ومعروف أنه مجموعات تخضع لمشايخها وقادتها، فمنهم مجموعة بني سويف، والقاهرة وطلائع الفتح المعروفة التي انقسمت إلى ثلاث مجموعات جهادية لكل منها شيخه وقائده الذي تخضع له، أما الجماعة الإسلامية فكانت شيئاً آخر اختلفت وتحالفت مع الجهاد في مراحل معينة لكن كل تنظيم منهما منفصل عن الآخر.

• هل توافق كل فصائل «الجهاد» على المراجعات؟

الجهاد كمجموعات على حد علمي كانوا موافقين على فكرة المراجعات بعد خروج مراجعات الجماعة الإسلامية، والمشكلة التي واجهتهم أن كل مجموعة لا تأخذ برأي الأخرى، وهذه المجموعات كانت بحاجة إلى شخصية مثل سيد إمام فهو فقيه كبير داخل جماعة الجهاد وشخصية محترمة، ولا يوجد لدى أفراد الجماعة ما يختلفون عليه بشأن سيد إمام، فقد كان أيضاً أمير التنظيم قبل أيمن الظواهري، وله كتابان يدرسان داخل تنظيم القاعدة هما «العمدة في إعداد العدة» و«الجامع في طلب العلم الشريف»، وبالتالي فإن أفراد الجهاد يعتبرونهما مرجعاً لهم، لذا سيكون لمقولته في ترشيد الجهاد أثر كبير داخل الجماعة وداخل «القاعدة»، والقسم الأكبر في ظني سيكون موافقاً عليه سواء داخل مصر أو خارجها.

• هل يوجد خلاف بين الجماعة الإسلامية وسيد إمام كشخص؟

السبب الرئيسي للخلاف بيننا وبين سيد إمام أو بيننا وبين جماعة الجهاد التي كان أميرها، هو أنه كتب كتاباً قبل ذلك كفرقية الجماعة الإسلامية، وكان ينتهج خطاً فكرياً جانحاً بعض الشيء في مسألة التكفير، وعند طباعة الكتاب أسقط الظواهري بعض ما جاء فيه، فثار سيد إمام وترك الجماعة لذلك واتهم أيمن الظواهري وجماعة الجهاد بتحريف كلامه وتحريف كتبه.

• هناك من يقول إن مراجعات «الجهاد» أكثر رسوخاً ومحافظة على الفكر من مراجعات الجماعة الإسلامية؟

هذا تحايل، فأنا من الممكن أن أختلف معك في بعض القضايا التي طرحتها الجماعة الإسلامية، ونحن لا نطالب أحداً بموافقتنا بنسبة %100 بشأنها، لكن الأساس يكمن في الفكرة الإجمالية التي طرحتها المراجعات والمبادرة، وتتلخص في وقف العنف والقتال، لأنه لا يحقق مصلحة شرعية، ولأنه يجلب المفاسد، ووقعت به بعض المخالفات ولأن هناك موانع شرعية تمنع من نصب القتال في مصر، لكن أن يتم الاختلاف معنا في جزئية من الجزئيات أو في بعض الكلام الذي صدر على مدار أكثر من عشرين كتاباً فهذا طبيعي ولا أطلب من أحد أن يوافقنا تماماً ولكن أطلب منهم أن يكونوا أكثر عدلاً وأن ينقدوا ما يقولونه بصورة سليمة.

• هل صحيح أنكم قمتم بمذبحة الأقصر لإفشال المبادرة التي أطلقتموها قبلها بخمسة أشهر؟

لا، لم يكن الغرض منها إفشال المبادرة وإنما كان مقدراً لها أن تتم قبل ميعادها في شهر نوفمبر، ولكن إعلان المبادرة دفع الإخوة إلى التوقف قليلاً حتى تظهر الرؤية، وحدث خلاف في الداخل وتردد الإخوة في الخارج ما بين الموافقة والرفض، ونمى إلى علم منفذي العملية ذلك فقاموا بتنفيذ تلك المذبحة.

• هل صحيح أن قوات الأمن أجهزت بالكامل على كل منفذي المذبحة؟

المنفذون كانوا قد أخذوا قراراً أنهم في حالة إصابة أحدهم أو تعرضه للأسر يقومون بقتله، وعلى ذلك فقد أخذوا قراراً بتصفية أنفسهم عند القبض عليهم، ولما أحسوا بقرب القبض عليهم وبإحكام السيطرة عليهم من قبل الأمن، لجأوا إلى أحد الكهوف، وجلسوا حلقة واحدة وأطلقوا الرصاص على أنفسهم وماتوا جميعاً في الحال، بعدها ادعى الأمن أنه أجهز عليهم، بعد مقاومتهم، وهذا لم يحدث.

• ما رأيك في بيان محمد الإسلامبولي الذي قال فيه «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ»؟

محمد الإسلامبولي أصدر هذا البيان بعد خروج إحدى الصحف بمقولة الشيخ كرم زهدي الشهيرة «إن السادات قد مات شهيداً» وهذا الكلام لم يقله الشيخ كرم زهدي وإنما تم تأويله مما دفع محمد شوقي إلى إصدار هذا البيان، ثأراً لشقيقه خالد الإسلامبولي فهو قد فهم أن شقيقه بتعبير الصحيفة وليس بتعبير الشيخ كرم قد مات مقتولاً وباغياً.

• يقول محمد شوقي إن الشيخ عمر عبدالرحمن أمير الجماعة الإسلامية وليس كرم زهدي، وأنه لا يعترف بكرم زهدي أميراً؟

الشيخ كرم زهدي ليس أمير الجماعة الإسلامية وإنما هو رئيس مجلس الجماعة، وفي أوساط الجماعة الإسلامية يسمونه رئيس مجلس الجماعة وليس أميرها، ونحن أعضاء مجلس أيضاً، والشيخ عمر عبدالرحمن هو الأمير الفعلي للجماعة الإسلامية إلى الآن.

• ما رأيك في التعبير القائل بأن عمر عبدالرحمن يقاد ولا يقود؟

هذا قول مغلوط، والشيخ عمر عبدالرحمن رجل صعب المراس، ومن الصعب أن تقوده إلى شيء لا يريده، وهو رجل يعتمد على خلفية إسلامية وعلى علم غزير.

ونحن كجماعة أخذنا برأيه ومشورته عندما أخذنا قرار الإيقاف للعمليات المسلحة من داخل السجون، وهي كانت مبادرة منا لوقف العنف من دون قيد أو شرط.