Ad

إن التأثير في الانتخابات القادمة سيكون لثلاث قوى اجتماعية وسياسية أساسية هي: القبائل والتيار الديني والحكومة، ذلك يعني أنه لاجديد، أما المستقلون والتيار الليبرالـي فحظهما سيكون ضعيفاً، ولذلك لا نرى في الأفق تغييراً سيؤدي إلى نتائج تختلف جذرياً عما عهدناه في الانتخابات السابقة.

إن السلطة في أي بلد يشهد معركة انتخابية برلمانية يهمها أن تكون لها أغلبية في البرلمان تستطيع من خلالها تمرير سياساتها ومشاريعها، والواقعية تقول إننا جزء من العالم الثالث، وديموقراطيتنا على الرغم من عراقتها النسبية لا تختلف كثيراً عن الممارسات المتخلفة في الدول الأخرى في هذا العالم، وتجربة مجلس الأمة الكويتي في السنوات الأخيرة تدل على ذلك.

إن الانتخابات النيابية ليست كل شيء في الديموقراطية لكن نتائجها مهمة في الحفاظ على النهج الديموقراطي والدستور والمكاسب التى تحقّقت، وبكل تأكيد لن نحصل على الديموقراطية التى نحلم بها، لكن من المهم أن نعرف منذ اليوم أن مسألة الحريّات في بلدنا قضيّة أساسية، وقد يفهم البعض الحرية خطأ، لكن الحرية هي في بلد القانون وتطبيقه والدستور وحقوق الإنسان والتنمية.

ويعتقد البعض أن تقسيم البلد إلى 25 دائرة منذ عام 1981م هو السبب في تردّي أداء مجلس الأمّة وضعفه، لكنّ الأمر لا يبدو أنه يقف عند حدود تغيير الدوائر، فالدوائر الآن قد تغيرت بصورة إيجابية لكن لايزال التخوّف من أن نتائج الانتخابات لن تكون بأفضل من سابقاتها، ولذلك علينا أن نبحث في حقيقة الأزمة لمعرفة الأسباب الأخرى أيضاً.

إن الافتراضات التي يبني عليها البعض قناعاته ورؤيته المستقبلية تقوم على: أن الوعي السياسي يزداد، وأن الثقافة والتعليم يتطوران، وأن التجربة الديموقراطية فيها من الدروس ما يكفي للاستفادة منها للمستقبل. هذه الافتراضات تقود إلى رأي متفائل للاستفادة من نتائج الانتخابات القادمة لكننا لا نؤيد الإفراط في التفاؤل، فليس لدينا قياس دقيق للرأي العام أو لمستوى الوعي، كما أن فهمنا لمخرجات التعليم ومستواها خاطئ، وفرحتنا بحصول المرأة على حقوقها السياسية قد تأتي بنتائج عكسية في هذه المرحلة التاريخية.

إن أخطر ما حدث وما يمكن حدوثه في الانتخابات هو استخدام المال لشراء الأصوات، والمال موجود وهناك من يقبل بيع ذمّته بوعي أو من دون وعي من أجل المال، لقد كانت تلك الظاهرة محدودة في الماضي ولكنّها تزداد خطورة مع الأيام، وفي كل انتخابات، فالفساد يستشري، وقد حدث خلل في القيم لا يمكن إصلاحه سريعاً، وفي هذه الفترة الزمنية القصيرة التى تفصلنا عن الانتخابات البرلمانية القادمة في الكويت.

نحتاج إلى تغيير في المفاهيم، وفي المناهج الدراسية، وفي أساليبنا التربوية، وفي ممارساتنا الديموقراطية وفي إعلامنا، وفي استراتيجية بلدنا، وفي دور المثقفين بحيث نتجاوز الأفق القبلي والطائفي والحزبـي والسلطوي والنفعي الذاتـي، وهذه ليست عملية سهلة في ظل ظروفنا.

وخلاصة القول أن التأثير في الانتخابات القادمة سيكون لثلاث قوى اجتماعية وسياسية أساسية هي: القبائل والتيار الديني والحكومة، ذلك يعني أنه لاجديد، أما المستقلون والتيار الليبرالـي فحظهما سيكون ضعيفاً والنتائج ستترتب على طبيعة القوى الفاعلة اليوم ونهجها وأسلوب عملها، ولذلك لا نرى في الأفق تغييراً سيؤدي إلى نتائج تختلف جذرياً عما عهدناه في الانتخابات السابقة، ونرجو أن نكون مخطئين في تصورنا، إنه مشوار طويل وشاق ولا تبدو ملامحه واضحة ومطمئنة ورحلة الألف ميل لم تبدأ بخطوة بعد!