لا أحد في العالمين العربي والإسلامي مرتاح لسياسات الدول الكبرى لاسيما الغربية منها تجاه قضايا العرب والمسلمين، وعلى الخصوص فيما يخص القضية الفلسطينية، وهناك شبه إجماع على أن الغرب وفي المقدمة منه الولايات المتحدة الأميركية يمارس سياسة الكيل بمكيالين ومنحاز بشكل شبه مطلق للسياسات الإسرائيلية.تمر علينا هذه الأيام الذكرى السنوية الأليمة لما اتفق على تسميته عرفاً بالحرب الأهلية اللبنانية - نسأل الله ألا يعيدها علينا أمراء الحرب المحليون والإقليميون والدوليون أبدا – والتي ما هي في الواقع إلا مؤامرة محكمة الضبط والربط ضد الشعب اللبناني، نتيجة وقفته المشرفة والفاعلة مع أشقائه الفلسطينيين واحتضانه كفاحهم العادل!
ومهما قيل ويقال اليوم عن انتهاء تلك الحرب المشؤومة، وأنه قد تم التعلم من الدرس، أو أن العبرة اللازمة قد اتخذت، فإن الحرب على لبنان لا تزال مستمرة بشكل أو بآخر ليس فقط فوق الأرض اللبنانية، بل ها هي تنتشر على امتداد الأرض العربية والإسلامية لنفس الأسباب التي عوقب عليها اللبنانيون!
صحيح أن اللبنانيين ليسوا في حالة حرب نظامية مباشرة، وأنه لا قصف عشوائيا على الأحياء السكنية كما كانت الحال في السبعينيات والثمانينيات، وأنه لا اغتيالات تتم على الهوية الطائفية في لبنان، إلا أن المؤامرة على لبنان الإرادة الحرة واستقلالية القرار خصوصا الانتماء القومي والإسلامي حتى بالمعنى الحضاري والحواري لاتزال مستمرة بقوة!
هذا ناهيك عن أن المعركة بأشكالها الحربية قد انتشرت واتسعت لتشمل أقطارا عربية أخرى لاسيما العراق الذي ينهمك في حروب طائفية ومذهبية مقيتة ليست بعيدة عنها أيدي وأدوات وأعين الصهيونية والاستعمار الأميركي الجديد، فضلا عن انتشار الموجات «التكفيرية» الفكرية والسياسية على امتداد العالم الإسلامي، والتي هي الأخرى ليست بعيدة عن السياسات الظالمة والمجحفة للدول العظمى والتي باعتقاد الكثيرين تتحمل المسؤولية الكبرى في تكون مثل هذه الموجات واتساعها!
لا أحد في العالمين العربي والإسلامي مرتاح لسياسات الدول الكبرى لاسيما الغربية منها تجاه قضايا العرب والمسلمين، وعلى الخصوص فيما يخص القضية الفلسطينية، وهناك شبه إجماع على أن الغرب وفي المقدمة منه الولايات المتحدة الأميركية يمارس سياسة الكيل بمكيالين ومنحاز بشكل شبه مطلق للسياسات الإسرائيلية، ويكفي في هذا المجال ذكر أقل المواقف ضررا مباشرا على قضايانا، وذلك عندما نسمع تصريحات مثل تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي تصرح بـ«إدانة واستنكار» أي عمل فلسطيني مقاوم من دون استثناء حتى إذا كانت العملية عسكرية بحتة وفي ميدان القتال المباشر! ومثال العملية الفلسطينية الأخيرة واحد مما لا يحصى من الأمثال، هذا فيما لا تتعدى تصريحات المسؤول الأممي على الإطلاق مستوى «الأسف» على سقوط ضحايا حتى لو كانت الخطوة الإسرائيلية من نوع المحرقة المعلنة أي الهولوكوست الفلسطيني بامتياز كما حصل أخيرا في غزة!
ومع ذلك كله فنحن محرومون عربا ومسلمين ومسيحيين أو لأي دين أو ملة أو عقيدة انتمينا من إعلان التضامن الصريح مع حق الدفاع الفلسطيني، هذا ناهيك عن مساعدته أو نجدته بالمال أو الغذاء فضلا عن السلاح في وقت يقف فيه الغرب بكل صراحة وبكل وقاحة يمكن تصورها إلى جانب القوات الإسرائيلية الغازية والمعتدية والمغتصبة للأرض والعرض والحقوق متبجحا على الدوام بأنه بذلك يدعم الدولة الديموقراطية الوحيدة في منطقتنا بسبب تعرضها للخطر الداهم والفتاك من قبلنا!
وكأننا نحن الذين نمتلك الترسانة النووية ونحن الذين جئنا إلى هذه المنطقة من وراء البحار البعيدة، ونحن الذين جيّشنا الجيوش ضد «شعب مسالم جالس في بيته»!
والأدهى من كل ذلك بات أمر التضامن مع الفلسطيني أو العراقي المظلوم والمقاوم «شبهة» بعرف الكثيرين من أهل جلدتنا يعاقب عليها ويتهم المرء فيها بتهمة التحريض على «الإرهاب»، وأخيرا زيد عليها تهمة «التخندق في المحور السوري الإيراني» التي لا يمكن تطهيرها حتى بماء زمزم!
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني