من العجب أن حكام العرب قرروا الاجتماع سنوياً (في ما يسمى مؤتمر القمة) إثباتاً لوحدتهم وإصداراً لقرارات تعبر عن اتفاقهم كما يزعمون، بينما الحقيقة أن الخلافات والانشقاقات وتباين المواقف تبلغ مداها الأقصى دائماً مع كل اجتماع! ومنذ تقرر أن يكون المؤتمر بصورة دورية سنوية والخلافات والمشاكل في زيادة مستمرة.«لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَميعًا إِلَّا فِي قُرى مُحَصَّنَةٍ أوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَميعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ» (الحشر- 14). أنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة كما يقول المفسرون في يهود يثرب ويصفهم بأن ظاهرهم الوحدة والانسجام وحقيقتهم الفرقة والاختلاف بينما كان المسلمون في ذلك الوقت وأغلبيتهم -إن لم يكن جميعهم- من العرب على قلب رجل واحد متحدين متضامنين ظاهراً وباطناً واليوم بعد 1400 عام نرى اليهود والعرب قد تبادلوا مواقعهم، فنجد اليهود في كل مكان، رغم تباعد المسافات، على قلب رجل واحد من أجل رفعة إسرائيل ودعمها والحرص على قوّتها وإثبات تفوقها وتميزها، بينما العرب متفرقون متشرذمون لاقضية تجمعهم ولاهدف يوحدهم ولاقائد يقودهم، وقد أصبح حالهم كما قال الشاعر:وتفرقوا شيعاً فكل قبيلةفيها أمير المؤمنين ومنبر ومن العجب أن حكام العرب قرروا الاجتماع سنوياً (في ما يسمى مؤتمر القمة) إثباتا لوحدتهم وإصدارا لقرارات تعبر عن اتفاقهم كما يزعمون، بينما الحقيقة أن الخلافات والانشقاقات وتباين المواقف تبلغ مداها الأقصى دائماً مع كل اجتماع! ومنذ تقرر أن يكون المؤتمر بصورة دورية سنوية والخلافات والمشاكل في زيادة مستمرة وأصبح المواطن العربي يتساءل عن جدوى تلك المؤتمرات؟ ولماذا يسافرون ويتبادلون الأحضان والقبلات وخلف ظهر كل منهم قرار أو رأي أو اتفاق يطعن به أخوه ويعين عليه قوماً آخرين؟ ما هذا يا قادة العرب وملوك الأمة وحكام الدول؟! هل هذا ما يأمله وينتظره المواطن العربي منكم؟لقد اختلفتم في قضية العرب الأولى كما تطلقون عليها وتباينت آراؤكم واتجاهاتكم، وانعكس ذلك على أبناء القضية أنفسهم، وضاقت بهم سبل الصلح والاتفاق وأصبحوا في خلاف دائم واتهامات متبادلة، وكل طرف يسعى إلى كسب مجموعة من الدول لمناصرته ضد أخيه، بينما العدو يقتل النساء ويغتال الأطفال، وأنتم ياقادة الدول يلفكم صمت الهوان وسكون الخزي والعار والسفير الإسرائيلي يتجول في العواصم العربية كما يشاء، يلتقي ويجتمع مع من يريد بدعوى العمل على إيجاد الحلول ودفع عجلة السلام، ولا أدري أي سلام وأي مركبة تلك التي تدور عجلاتها بدم الأطفال وأشلاء الشيوخ والنساء؟ ففيمَ اجتماعكم وقلوبكم شتى؟هل تجتمعون من أجل لبنان وأزمته؟ ألم تكونوا أنتم جميعاً بلا استثناء سبباً فيها أو على الأقل في إطالتها بتلك المبادرة العربية البلاغية التي لم تجرؤ على ذكر الحقيقة والدخول في التفاصيل خوفاً من الرفض السعودي من جهة وحرصاً على الموافقة السورية من جهة أخرى (راجع مقال عصا موسى 25/1/2008).أي وحدة تنشدونها؟ وأي اتحاد تسعون إليه وكل دولة تسعى إلى بناء محور خاص بها؟ فلقد تعددت المحاور الثنائية والثلاثية، فهذا محور سعودي مصري، وذاك سوري قطري، وثالث خليجي، ورابع مغاربي... إلخ. والكل للأسف لا ينشدون وحدة الأمة واتفاقها بل يسعى إلى مصالحه المنفردة، ولو على حساب الآخر، وإن اتفقوا جميعاً في طاعة السيد الأميركي.بالله عليكم «فضوها سيرة» وألغوا تلك الاجتماعات والمؤتمرات العادي منها والطارئ، فلا أمل ولا رجاء بعد أن أصبحت حالكم كما ذكر شيخ الشعراء أبو العلاء:ويظهر لي مودته، مقالاًويبغضني ضميراً واعتقاداً