حمداً لله أنني حشدي!

نشر في 16-12-2007
آخر تحديث 16-12-2007 | 00:00
 سعد العجمي

من يدري لعل الضغط الشعبي، الذي تعرض له نواب «حشد» بعد التصويت الأخير، يجعلهم أكثر تحمساً لقانون شراء المديونيات، ومن ثم الدفع بإجراء تعديلات بسيطة، وهو ما يعزز فرص تمريره عند طرحه من جديد، لأن التجارب أثبتت أن تبني «حشد» لأي قضية يعني نجاحها.

بعض ردود الأفعال والتعليقات، التي وصلتني على مقال الأحد الماضي «ليلة سقوط الشعبي»، اعتبرت أنني قسوت على «حشد»، وتحاملت على نوابها، خصوصاً أحمد السعدون وأحمد لاري وسيد عدنان، بينما اعتبر آخرون أنني مارست حقي في النقد وفق حدود المعقول رغم حدة المقال نسبياً.

في المقابل، فإن ردة فعل نواب التكتل الشعبي بعد المقال، هي ما اسعدتني وجعلتني أحمد الله أنني «حشدي»، فجميع من اتصل بي من نواب الكتلة ثمّنوا الرأي الذي قلته، والنقد الذي ذكرته، وتقبلوه بصدر رحب، بل وطالبوا بالاستمرار على هذا النهج في القادم من الأيام على اعتبار أن صديقك من صدقك لا من صدَّقك.

إن موقف نواب التكتل من قضية شراء المديونيات رغم أنه مجرد تصويت على إعادة التقرير للجنة المالية لمزيد من الدراسة، وليس تصويتاً على رفض القانون وإفشاله، كشف الكثير من الحقائق، لعل أبرزها الواقع الجديد لـ«حشد» كقوة سياسة مؤثرة أصبحت تشكل إزعاجا لبعض القوى الأخرى الأقدم منها والأكثر تنظيماً وتمويلاً، وهو ما يفسر الحملة التي شُنّت عليها من قبل بعض الأطراف السياسية والإعلامية التي راحت تتغنى بالخطأ التقديري الذي وقع فيه نواب «الشعبي»، حتى وصلت بها السذاجة والغباء وربما «الحقد» إلى القول بتفكك الكتلة، وانتهائها بعد الذي حدث، بل وصل «الفُجر» في الخصومة لدى بعضهم إلى القول إننا «شوية بدو التموا على شوية شيعة، على واحد حضري».

على كل، فإن رقي الممارسة السياسية لنواب «حشد» ليس حصراً على ما يطرح في قاعة عبدالله السالم، فثمة رقي فكري في التعامل مع الشأن السياسي لقواعدها الشعبية وأنصارها وكُتابها، وهو ما يميزنا عن الآخرين، فكاتب هذه السطور مع الزميلين محمد الوشيحي وسعود العصفور مصنفون على أنهم أبرز كتاب «الشعبي» في الصحافة الكويتية، وجميعنا أول من انتقد سوء التقدير والاختلاف الذي حدث في جلسة الخامس من ديسمبر. لنعد بالذاكرة إلى دور الانعقاد الماضي عندما طرح قانون إسقاط القروض، وقتها صوتت «حدس» مجتمعة ضده رغم أن الجميع يدرك أن ثلاثة نواب منها مع القانون؛ وهم البصيري والحربش وخضير، أي أن هناك انقساماً بين نوابها، وهو وضع لم ينطبق على كُتّابها الذين أبدعوا في خلق المبررات لها من دون أن يتجرأ أحدٌ منهم، ويخالف أوامر الرؤوس الكبيرة للحركة، أما صنع المبرر والقفز على القناعات فهو ماركة مسجلة باسم كُتّاب «السلف» والشواهد هنا أكثر من أن نحصيها حتى ولو وصل الأمر إلى تسخير «الفتوى» والأحكام الشرعية لذلك، فالنقد عندهم يدخل في باب «المحرمات والكبائر»، وهو وضع ينطبق على بعض كُتّاب التيار المدني الذين قاتلوا لتبرير تدوير الحميضي دستورياً من منصبه، قبل أن يدركوا حجم الخطأ الذي وقعوا فيه، ومن ثم تراجعوا عندما أدركوا أنهم يَسْبحون ضد تيار المبادئ والقناعات.

وبعيداً عن موقفي الشخصي من موضوع شراء المديونيات من حيث التأييد أو الرفض، ولأن هذه القضية تمس شريحة كبيرة من أبناء وطني، فإنني أقول لهم «عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم»... فمن يدري لعل الضغط الشعبي الذي تعرض له نواب «حشد» بعد التصويت الأخير، يجعلهم أكثر تحمساً للقانون، ومن ثم الدفع بإجراء تعديلات بسيطة عليه خصوصا تضمينه فقرة تنص على عدم تجاوز نسبة استقطاع البنك من الراتب 30%، مع بعض الضوابط والآليات الأخرى التي ربما تجعله بصيغته الجديده مقبولاً عند المعارضين له بمن فيهم الحكومة، وهو ما يعزز من فرص تمريره عند طرحه من جديد، لأن التجارب أثبتت أن تبني «حشد» لأي قضية يعني نجاحها.

على أي حال، فإن هذا المقال ليس دعوة إلى مغفرة، بل إنني أعود وأكرر أن «نوابنا» في «الشعبي» ارتكبوا خطأً كبيراً، ونحن نعدهم بأن نكون أكثر حزماً ونقداً لهم إذا ما تكرر الأمر في قادم المستقبل، فهذا ديدننا في «حشد»، فعندما لايكون لأحد فضل عليك إلا «الكويت»، ولا «معزب» لك إلا دستور عبدالله السالم، فإنك وقتها تملك الإرادة الحرة التي تجعلك تقول ما تشاء دون خوف.

back to top