جمعية الصحافيين... وقمع الحريات!

نشر في 06-02-2008
آخر تحديث 06-02-2008 | 00:00
 سعد العجمي

صحافي يتعرض للإهانة بسبب مقال انتقد فيه مؤسسة حكومية، والجمعية لا تحرك ساكناً، بعدها يُستدعى الصحافي للتحقيق معه في أحد مخافر الشرطة ويخرج بكفالة، والجمعية «عمك أصمخ».

ما تعرض له الزميل الصحافي ناصر الحسيني من إهانة واعتداء من قبل أحد المسؤولين في وزارة الكهرباء والماء، والصمت المطبق الذي خيم في أركان جمعية الصحافيين حيال الحادث، يعكس العقلية التي تدار بها الأمور في تلك الجمعية التي بدا واضحاً أن الحرية وحفظ كرامة أعضائها هي آخر اهتماماتها.

حسب علمي أن الحسيني عضو في جمعية الصحافيين، وعضو كذلك في لجنة المحررين البرلمانيين التي شكلتها الجمعية أخيراً لتدخل على خط اللجنة الأصلية التي يرأسها الزميل خالد المطيري، وشتان بين موقف لجنة المطيري وجمعية الصحافيين في التعامل مع موضوع الحسيني، فالأولى أصدرت بياناً نددت فيه بالحادثة، ونظمت اعتصاماً في مجلس الأمة لدعم الزميل، أما موقف الجمعية ولجنتها مما حدث فقد ذكّرنا بقصة أصحاب الكهف.

صحافي يتعرض للإهانة بسبب مقال انتقد فيه مؤسسة حكومية، والجمعية لا تحرك ساكناً، بعدها يُستدعى الصحافي للتحقيق معه في أحد مخافر الشرطة ويخرج بكفالة، والجمعية «عمك أصمخ»، أخشى بعد هذا كله أن يأتي أحدهم ليقول إن لدينا جمعية صحافيين نفاخر بها، ونلجأ إليها كمنتمين للجسد الصحفي إذا تعرضنا لما تعرض له الزميل ناصر.

على كل وبعد أن تحولت جمعية الصحافيين إلى جمعية «مستشارين»، لم يعد مستغرباً أن تترك الجمعية أهم أولوياتها المتمثلة في تعزيز الحريات والدفاع عن حقوق الصحافيين، وتنصرف إلى تركيز دورها واهتماماتها على قضايا هامشية كالحصول على خصومات لأعضائها في مستشفى أو فندق أو نادٍ صحي أو حتى متنزه ترفيهي، في انقلاب واضح لهرم المنطق والعقل يسيء لسمعة مؤسسات المجتمع المدني كافة.

ليست لدي مشكلة أو خصومة مع أي من الزملاء في الجمعية بمسمياتهم الوظيفية المختلفة، وسبق أن دخلت في جدل ونقاش مع بعضهم حول الكيفية والطريقة التي تدار بها الأمور هناك، خصوصاً في جزئية الموقف المبدئي من قضايا التعدي على الصحافيين، عدا الرئيس أحمد بهبهاني الذي لم يسبق لي أن قابلته، لذا فإنني سأطرح عليه هذه التساؤلات؛ تُرى ياسيد أحمد وأنت الاقتصادي الكبير، والشخصية الإعلامية المرموقة، كيف تقبل بالبقاء رئيساً لجمعية فشلت أكثر من مرة في امتحان الدفاع عن المبادئ التي أنشئت من أجلها؟ كيف تقبل أن تكون رئيساً لجمعية عدد مستشاريها يفوق عدد صحافييها؟ بل كيف تقبل أن تظل في هذا المنصب وأنت تدرك قبل غيرك أن العلاقة التي تجمع أكثر المنتسبين إلى هذه الجمعية بالعمل الصحفي كعلاقة «السنبوسه» بـ «الجنز» الحريمي؟ أنت الوحيد الذي تملك الإجابة والقرار ياسيد أحمد.

عموماً لم يفاجئني موقف الجمعية هذا، الذي أعتقد أيضاً أنه لن يكون الأخير، فهو يأتي منسجما مع «ردة» على الحريات، بدأت حتى مؤسسات الدولة الرسمية تمارسها وتجنح إليها في الأونة الأخيرة. ولعل تصريح الوزير المحيلبي حول مراقبة الحكومه لـ «المدونات» إضافة إلى ما تضمنته «اللائحة التنفيذية للمرئي والمسموع» التي أقرتها وزارة الإعلام، يشيران إلى أننا اقتربنا كثيراً من مرحلة قمع الحريات، وتكميم الأفواه التي من المؤكد أنها تأتي في آخر اهتمامات جمعية الصحافيين الموقرة.

back to top