Ad

تدمير أجهزة الدولة الذي بدأ مع تلك الحقبة وبرضى من مؤسسة الحكم، لم يقتصر على مؤسسة أو وزارة بعينها، بل شمل كل شيء، حتى ان مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات وجمعيات النفع العام، لم تسلم من تدخل «مشرط» الفساد الحكومي ليمزق أحشاءها، بعد أن تم تسييسها، وإقحامها في صراع السلطتين.

جملة من الأحداث والتحولات مرت بها الكويت على الصعيدين الداخلي والخارجي منذ استقلالها، كان لها أثر كبير في «فرملة» عجلة التنمية. خارجياً كانت البداية مع المطالبات العراقيه منذ زمن المقبور عبدالكريم قاسم، مروراً بحرب العراق وإيران، ثم محنة الغزو، فحرب إسقاط نظام صدام حسين. داخلياً، وهذا ما يهمنا في هذا المقام، كانت المحاولات المستمره للانقلاب على الدستور، وتزوير الانتخابات، وتعطيل الحياة النيابية على فترات متفاوتة، وتتويج ذلك بالمجلس «المسخ» الوطني.

كثيرون يعتقدون أن زمن الانتكاسة والتراجع الكويتي، في كل شيء، بدأ منذ التحرير عام 1991، بحكم احتلال الكويت وتدمير البنى التحتية، وما أعقب ذلك من توترات سياسية وعسكرية دولية، مع جار السوء قبل إسقاطه. قد يكون هذا الطرح صحيحاً إذا اقتصرنا الأمر على الشق الاقتصادي، والتطور العمراني، وما يدور في فلك ذلك، من هروب لرؤوس الأموال، وعجر عن جذب استثمارات أجنبية.

ولكن عند الحديث عن وزارات ومؤسسات وإدارات الدولة، فإن النكسة الحقيقة بدأت في الرابع عشر من فبراير عام 2001 عندما شُكلت الحكومة العشرين في تاريخ الكويت، من ذلك التاريخ، بدأ امتهان القانون والضرب به عرض الحائط، فلم تعد له هيبة ولا وقار، وأصبحت مواده حبر على ورق. تلك الحكومة أسست لمقولة «من مسكها عشاها عياله»، وعودوا بالذاكرة لحال وزارة الكهرباء والماء ووزارة الشؤون الاجتماعية (حقيبة واحدة) ووزارة الأشغال والإسكان، في تلك الحكومة، لتعرفوا المفهوم الخطير والانحراف في العمل الوزاري الذي بدأ منذ ذلك التاريخ واستمر إلى يومنا هذا، مفهوم يقوم على مبدأ المصالح الانتخابية، والتنفيع، ووضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب في أغلب الوزارات إن لم يكن جميعها، واحتاجت الحكومة آنذاك سنتين حتى تكتشف خطورة نهج وزرائها لتشكل لجنة تحقيق عام 2003 في ما عرف وقتها «بالقرارات الانتخابية».

حكومة 2001 جاءت، لتجاهر بكسر القانون، فلم يعد الناس أمامه سواسية، ونتاج ذلك ببساطة، التفريق بين المواطنين، وخلق حالة عامة، تصور المنصب الوزاري على أنه «غنيمة» يجب استثمارها وفرصه قد لا تتكرر ينبغي استغلالها، وفي هذه الأجواء يعلو صوت القبيلة والعائلة والطائفة والفئة على صوت «الدولة».

2001 كانت سنة النكبة الفعلية للنظام السياسي والاجتماعي، وحتى العمل البرلماني، فحكومة تلك السنة شهدت بداية التحالفات التي تمخضت عنها مؤسسة الفساد «الأم» والتي مازالت قوى الإصلاح تمارس معها معركة البقاء حتى اليوم.

إن تدمير أجهزة الدولة الذي بدأ مع تلك الحقبة وبرضى من مؤسسة الحكم، لم يقتصر على مؤسسة أو وزارة بعينها، بل شمل كل شيء، حتى ان مؤسسات المجتمع المدني من نقابات واتحادات وجمعيات النفع العام، لم تسلم من تدخل «مشرط» الفساد الحكومي ليمزق أحشاءها، بعد أن تم تسييسها، وإقحامها في صراع السلطتين.

على كل، فإن تعليق أسباب ما نعانيه من تقهقر في القطاعات كافة لدينا على شماعة الغزو، هو تهميش للغة العقل والمنطق لا يليق بنا، فبعد الغزو تأهل فريقنا الأولمبي لنهائيات برشلونة عام 1992، وحققنا كأس خليجي 13 في عمان و14 في البحرين، ومركزاً متقدما في كأس آسيا في الإمارات عام 1996... أتدرون لماذا؟ لأننا لم نكن قد وصلنا إلى الحكومة رقم عشرين ولا إلى العام 2001، وهو عام «النكبة» أو «النكسة»، لا فرق... أطلقوا عليه ماشئتم.