يؤسفنا القول إن الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان لم تزل غير فاعلة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الكويت، وإننا نأمل في جهود كل الناس الخيرين بأن نحتفل في العام القادم بهذه الذكرى الإنسانية العالمية العظيمة، ونحن في وضع أفضل في ما يتعلق بحقوق الإنسان.«يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح الإخاء» المادة (1)- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
«لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر...». المادة 2- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
«لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما» المادة 4 - الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
يحتفل العالم هذا اليوم بالذكرى الثامنة والخمسين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر عام 1948.
وفي الوقت الذي نرحب فيه ونحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان، فإننا يجب أن نتوقف أمام واقعنا المحلي ونقيّم بشكل موضوعي مدى التزامنا رسميا وشعبيا بما ورد في هذه الوثيقة الإنسانية التاريخية العظيمة من مبادئ إنسانية نبيلة، فمع الإقرار بأن وضع حقوق الإنسان في الكويت أفضل منه في الكثير من دول العالم، إلا أنه لايزال بعيداً عن الالتزام بما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
فعلى الجانب الحكومي، فإن من أبرز القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان التي لاتزال تتطلب معالجة سريعة وحاسمة هي المتاجرة بالبشر التي لا يراعى فيها المعايير الدولية لحقوق الإنسان. ويوجد الآن في الكويت مايقارب 550 ألفاً من العمالة المنزلية وغير الماهرة يعيش أغلبها في ظروف غير إنسانية من ناحية المعاملة وساعات العمل والراحة والحد الأدنى للأجور كما أشارت إلى ذلك مراراً بعض منظمات حقوق الإنسان في العالم.
يضاف إلى ذلك الظروف غير الإنسانية والمعيشية الصعبة التي يعانيها من يسمون «البدون» في الكويت، فرغم الوعود «البراقة جداً» من قبل كل الأطراف السياسية، التي طال انتظارها، لحل مشكلتهم، فإن هذه الفئة تعيش تحت الكثير من الضغوط المعيشية التي تتناقض مع الحدود الدنيا لحقوق الإنسان وكرامته، مما حدا بمنظمة اللاجئين الدولية في تقريرها الأخير للجنة الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان إلى تقديم توصيتين، تدعوها في الأولى إلى «أن تعين مقرراً خاصاً معنياً بحالة حقوق الإنسان في الكويت» وتطالبها في الأخرى «بإقامة وجود في الكويت للتقييم وللتوصية بقرار عن حالة البدون».
أما في ما يتعلق بالسلطة التشريعية، فللأسف أن أغلبية أعضاء مجلس الأمة لهم موقف سلبي من حقوق الإنسان كما بينها الدستور الكويتي، ناهيك عن اعترافهم أو حتى اطلاعهم على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان!! ويكفي أن نأخذ كأمثلة على ذلك، موضوع فرض الرقابة على الكتب الذي يثار بشكل حاد خصوصا أثناء انعقاد المعرض السنوي للكتاب، أو قانون تقييد عمل المرأة، أو موقفهم من الحريات الشخصية والمدنية كتشكيلهم «لجنة دراسة الظواهر السلبية الدخيلة على المجتمع الكويتي» التي تتدخل في الحريات الشخصية للناس وتفرض رؤية أعضائها الشخصية وتعريفهم الخاص «للظواهر السلبية».
وإذا أتينا إلى الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان، فإنه يؤسفنا القول أيضا إنها لم تزل غير فاعلة في الدفاع عن حقوق الإنسان في الكويت، والأمثلة على ذلك كثيرة، يكفي أن نذكر منها هنا موقفهم مما أشرنا إليه من أمثلة أعلاه، أو موقفهم من الدعوات والكتابات الصحفية التي كثرت في الآونة الأخيرة، والتي تميز بين المواطنين وتطعن في انتمائهم الوطني نتيجة لأصولهم أو مذاهبهم. أو الكتابات الصحفية التي تدعو إلى التمييز ضد غير المواطنين العاملين بشكل قانوني في أجهزة الدولة!! ليس ذلك فحسب، بل إن الأمر الأشد غرابة ومرارة هنا، هو أنه لم يصدر عن جمعية حقوق الإنسان الكويتية أي توضيح لموقفها من نائب رئيسها الذي يصف الشخص الأسود «بالعبد»!! وذلك في برنامج 6/6 التلفزيوني، وبالمخالفة الصارخة لدستور دولة الكويت وللميثاق العالمي لحقوق الإنسان.
رغم كل هذا، فإننا نأمل، في جهود كل الناس الخيرين، أن نحتفل في العام القادم بهذه الذكرى الإنسانية العالمية العظيمة، ونحن في وضع أفضل في ما يتعلق بحقوق الإنسان، وكل عام وحقوق الإنسان بخير.