توجد نفايات...لا توجد نفايات!
لو افترضنا جدلاً أن تصريحات المستشار الإعلامي للهيئة العامة للبيئة، السيد محمد رمضان غير صحيحة حقا، كما قال، وأنها بالفعل قد استندت إلى معلومات غير دقيقة، وأنه لا توجد نفايات نووية مدفونة في الأراضي الكويتية، فإننا سنجد أنفسنا أمام بعض التساؤلات الفضولية الملحةتماماً، وكما توقعت، في مقالي السابق حول النفايات النووية التي دفنتها القوات الأميركية إبان حرب التحرير في أراضينا وأخفت خرائطها عن السلطات الكويتية، فقد عاد المستشار الإعلامي للهيئة العامة للبيئة، السيد محمد رمضان، لينشر أن تصريحه للزميلة «الراي» حول الموضوع كان مستندا إلى معلومات غير دقيقة! والحقيقة أن توقّع ذلك، أعني أن يعود السيد رمضان عن تصريحاته، لم يكن صعبا للغاية، فقد كان بإمكان أي شخص لديه بعض الخبرة السياسية والإعلامية أن يدرك أن لتلك التصريحات انعكاسات سياسية عسيرة على رمضان، وعلى هيئة البيئة وعلى الحكومة، وما كان لها أن تمر مرور الكرام. لكنني لا أصدق هذا النفي، ولا أستبعد أن ضغوطاً قد مورست من أطراف ما، للرجوع عن تلك التصريحات، ونشر هذا التصريح الجديد المقتضب. لا أقول هذا رغبة في البحث عن البراهين على مساوئ الأميركان، فلا حاجة لي بهذا، لأنها منتشرة في كل بقاع الأرض وأوْضح من أن يُبحث عنها، بل وأكثر من أن تحصى، لكنني أقوله من باب مَن قرأ التصريح بتمعن، وأدرك أن تصريحاً صِيغ بتلك الطريقة وبتلك المعلومات، لا يقبل موضوعياً أن يقال بعدها إنه كان مبنيا على معلومات غير دقيقة... هذا كلام «ساكت» كما يقول أهل السودان!
على أي حال، فما لهذا النفي المقتضب من جدوى، فقد طارت الإنترنت بالخبر منذ لحظة نشره، وصار اليوم منشورا في العديد من المواقع والصفحات والمدونات، وصار مثاراً للتعليقات والنقاشات حول هذه العلاقة الضبابية البائسة لحكومتنا مع الإدارة الأميركية منذ تحرير الكويت وحتى الساعة.لكن، ولو افترضنا جدلاً أن تصريحات المستشار الإعلامي للهيئة العامة للبيئة السيد محمد رمضان غير صحيحة حقا، كما قال، وأنها بالفعل قد استندت إلى معلومات غير دقيقة، وأنه لا توجد نفايات نووية مدفونة في الأراضي الكويتية، فإننا سنجد أنفسنا أمام بعض التساؤلات الفضولية الملحة.مَن الذي سمح في المقام الأول للسيد رمضان بالحديث عن هذا الموضوع الحساس، مادام مفتقراً للمعلومات الدقيقة؟ كيف لم تتم مراجعة تصريحاته من قِبل المسؤولين في الهيئة قَبل نشرها، مادام غير متمكن من الموضوع؟ وكيف تتعامل الهيئة العامة للبيئة بهذا الأسلوب غير المنضبط مع هذا الموضوع الحساس ذي الأبعاد السياسية الحساسة؟!أتصور أنه صار من الواجب الآن أن يحاسب المسؤولون في الهيئة العامة للبيئة على هذه التصريحات، سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة؛ لأنها إن كانت صحيحة، فيجب محاسبتهم على إخفائها طوال هذه السنوات، وإن كانت غير صحيحة فيجب محاسبتهم على هذا الخطأ الفاحش!