Ad

لننظر إلى أحداث الشهر الماضي فقط: زيادة الرواتب، التعليم المشترك، إزالة الدواوين، تأبين عماد مغنية واعتقال المتهمين بالانضمام إلى «حزب الله» الكويتي... كم منا تعامل مع الأحداث بشكل عاقل أو متزن أو منطقي أو حضاري أو حتى بأبسط المشاعر الإنسانية القائمة على التعاطف والرحمة؟ ومن المستفيد من هذه الغوغائية الطفولية وغير الحضارية؟

الفرق بين البالغ العاقل والطفل أن الطفل عندما يغضب من أخيه يضربه على رأسه باللعبة محط الخلاف وإن أدى ذلك إلى كسرها، والفرق بين العاقل المتزن والمجنون أن المجنون يتعامل مع كل الأحداث بنفس الحدة ومن دون أن يفرق بين مشاعره والحقائق والأوهام، والفرق بين الحيوانات المتطورة كالشمبانزي والغوريلا والحيوانات البدائية كالبقر والغنم والخراف أن الحيوانات البدائية تعجز أن تستوعب المنطق المعقد نسبيا وينحصر فهمها في منطق «إذن... فإن» – مثال إذا قام الشاوي فلابد أن نتحرك، والفرق بين بعض الحيوانات الاجتماعية عن الحيوانات المتوحشة أن الحيوانات المتوحشة إذا جاعت أكلت لحم أبنائها وهاجمت عش إخوانها، والفرق بين الإنسان والحيوان هو عدم قدرة الحيوان على بناء مؤسسات اجتماعية معقدة قادرة على حماية أهله وبنيه، فالأقوى أو الأكثر يأكل الأضعف أو الأقل.

لننظر إلى أحداث الشهر الماضي فقط: زيادة الرواتب، التعليم المشترك، إزالة الدواوين، تأبين عماد مغنية واعتقال المتهمين بالانضمام إلى «حزب الله» الكويتي... كم منا تعامل مع الأحداث بشكل عاقل أو متزن أو منطقي أو حضاري أو حتى بأبسط المشاعر الإنسانية القائمة على التعاطف والرحمة؟

ومن المستفيد من هذه الغوغائية الطفولية وغير الحضارية؟ لنتخيل الحوار التالي في المستقبل القريب:

الشعب: ارتفعت أسعار الخبز والأرز وحتى البيض... التضخم وصل إلى معدلات قياسية.

الحكومة: بالتأكيد... ماذا تتوقعون عندما تزداد الرواتب بشكل شامل؟ من الطبيعي أن زيادة الدخل الشاملة ستؤدي إلى رفع الأسعار الشاملة. ألم يقل لكم نوابكم ذلك؟

الشعب: للمال العام حرمة... لابد من ملاحقة سراق المال العام ووقف التعدي على ممتلكات الدولة.

الحكومة: ولكن من يحدد من السارق ومن المعتدي؟ فحتى نوابكم اختلفوا في ذلك ومنعوا الدولة من حماية ممتلكاتها وإزالة الدواوين المخالفة. على ناس وناس؟!

الشعب: هذا لا يجوز... سنخرج في مسيرة سلمية، نعترض بها على غلاء المعيشة وتفشي الفساد.

الحكومة: عفواً ياجماعة... لا يجوز! فتحت رغبتكم ورغبة نوابكم وبعد الذعر الذي أصابكم من تأبين مغنية فعّلنا قانون منع التجمعات وألغينا حق التعبير عن الرأي بأي شكل جماعي... حتى السلمي منه.

الشعب: غير معقول! لم يبق لنا سوى أن نؤسس حزباً وطنياً شريفاً ينقذ البلد من أشكال هؤلاء النواب الذين غشونا وأعموا بصيرتنا.

الحكومة: في الواقع لم يعد هذا البديل مسموحاً من باب أن المساواة في الظلم عدالة! فلو وافقنا لحزبكم سنوافق لبعبع «حزب الله» الكويتي أيضاً... لذا فقد منعنا تكوين الأحزاب للمصلحة العامة.

الشعب: هذا لا يجوز... الكويت دولة ديموقراطية وذات دستور يحسدنا عليه القريب والقاصي.

الحكومة: للأسف وضعنا الدستور في المتحف الوطني... فلم يعد له حاجة بعد كل القوانين غير الدستورية التي طالبتم بها وأقررتموها. يبدو أنه «يخب عليكم». فقد وضع لشعب يقدر معنى الحرية ويقدس حقوقه.