Ad

جاء سجن غوانتانامو الشهير في سياق موجة التطرف التي تسيّر السياسة الاميركية الخارجية... وتأتي فكرة المعتقل لتعبر عن نفسها في شكل رأي قانوني متشدد لم يَحسب مخاطر الاعتداء على القيم الاميركية.

في مخيلة الإنسان البسيط العادي يكون السؤال عن أخطاء ترتكبها الولايات المتحدة الاميركية مستعصيا على الفهم، استناداً إلى أن هذه الدولة هي الدولة العظمى في عالم اليوم، وهي من دون شك أكثر الدول تطوراً.

وفي هذا السياق يكون السؤال التالي: لماذا خلقت الحكومة الاميركية فكرة «غوانتانامو» التي لا تزال تجر على هذا البلد الانتقادات اللاذعة من جميع الجهات من دون استثناء، حتى من وزراء أميركيين!!

وإذا كانت إحدى الاجابات على ذلك السؤال الساذج أنها - أي أميركا - كانت تريد مكاناً عارياً عن المسائلة القانونية، فمن يستطيع اليوم أن ينفي أن السجون التي تشرف عليها القوات المسلحة الاميركية في كل من افغانستان والعراق محصنة ضد أي مسائلة رغم خضوعها لقوانين البلدان التي تقع فيها، ورغم انطباق اتفاقيات جنيف عليها تماماً ومن دون نقصان.

يشار دائماً إلى أن التطرف في الرأي كان دائماً ملازماً لمعظم السياسات الاميركية التي جاءت مع مجيء المحافظين الجدد في فترة ولاية بوش الابن، وليس هناك من مبرر يمكن الاستناد عليه في تفسير فكرة غوانتانامو سوى «التطرف». لكنه التطرف القانوني هذه المرة، فالمعتقل المذكور الذي يعيش عامه الخامس، جزيرة قانونية سياسية قائمة بذاتها ليس لها صلة بأي شرعة حقوقية صادرة قبل ذلك، أي قبل يناير 2002، لحظة وصول دفعة الـ 20 شخصاً إليها كفوج أول.

لكن يوماً بعد يوم يتكشف للاميركان أنفسهم - بما فيهم الرئيس الأميركي - أن الفكرة كانت ولا تزال كارثية بامتياز وأن هؤلاء «الارهابيين» لو سجنوا في البلدان التي ألقى القبض عليهم فيها (العراق، افغانستان، باكستان) لما كانت النتائج الواقعة على الحكومة الاميركية وسمعتها في مجال حقوق الانسان شبيهة بما حدد له اليوم بعد اختيار «صيغة» غوانتانامو. فمن منا يسمع اليوم عن حقوق أكثر من 56 ألف سجين عراقي في سجون تشرف عليها قوات أميركية في العراق، وكذا الوضع في أفغانستان… لكنه الصلف والغباء الذي يصر عليه أعضاء في الحكومة الاميركية استطاعوا عبر سنوات تكفير جمهور من العالم بالحلم الاميركي المستند على ما يسمى بـ (القيم الاميركية). اليوم وبعد تعويم الفكرة المتطرفة - غوانتانامو - لما يناهز الخمس سنوات أصبح من الصعوبة على الولايات المتحدة التخلص منها بسهولة، فالحكومة الاميركية هي حاملة لواء (الحرب على الإرهاب)، التي كلفت ما يفوق الـ 3700 جندي أميركي قتيل.

وممثلو هذه الحرب من الجانب المضاد نزلاء في المعتقل الكوبي، فكيف تنهى هذه الحرب من دون اطلاق سراحهم؟ علماً بأن معظمهم يحل ضيفاً هناك من دون تهمة! وكيف سنتصور أن معظم الدول التي تنتمي إليها جنسيات المعتقلين على استعداد حقيقي لاستقبالهم، وهي التي تلكأت في المطالبة بهم خمس سنوات… الحكومة الاميركية في ورطة حقيقية، والناطق الرسمي باسم البيت الأبيض (طوني سنو) صرح في 24 مارس 2007 رداً على صحافيين بأن معتقل غوانتانامو سيبقى مفتوحاً حتى نهاية ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش في يناير 2009… يا لها من ورطة!.

«غوانتانامو والقيم الاميركية»

كلمة غوانتانامو بغيضة… سيئة… ودنيئة، فهي تعني التعذيب، إهانة المسلمين، تدنيس القرآن، الاهانة الجنسية، الاعتقال من دون تهمة، الايذاء النفسي، التعري، الشتم والضرب، الموسيقى الصاخبة، الاضواء الشديدة، الاطعام القسري، التهديد… هذه أوصاف غوانتانامو!

ورغم الاتفاق على تنكّر الحكومة الاميركية لكل الاعراف القانونية الدولية، وتجاهل العالم من خلال اختراع مصطلح (المقاتل العدو) وإباحة وسائل (خاصة) للحصول على الاعترافات من قبل موظفي الاستخبارات، وصم المسؤولين آذانهم عن انتقادات رؤساء دول وهيئات أممية بشأن المعتقل، فإن الشاهد هو أن الأنظمة والقوانين الاميركية وقفت كالمضاد الحيوي مقابل تلك الممارسات الشاذة. ولنتذكر القرار الرئاسي الذي يلزم محققي الـ «سي آي إيه» بالالتزام باتفاقية جنيف الخاصة بمكافحة التعذيب الذي جاء بضغوط من الكونغرس ومجلس الشيوخ، ولنتذكر أيضاً قرار المحكمة العليا الاميركية بأحقية محاميي المعتقلين الاطلاع على الوثائق الحكومية لاستخدامها في الدفاع أمام المحاكم.

لنتذكر مصير وزير العدل ألبرتو غونزاليس الذي استقال بعد صراع مع منتقديه من الجمهوريين والديموقراطيين بسبب اتهامه بالضلوع في عزل مدعين عامين لأسباب سياسية بالإضافة إلى انتقادات تتعلق بالطريقة التي استخدمها مكتب التحقيقات الفدرالي لكشف المتورطين في أنشطة ارهابية. ولنتذكر تورط انفراد أسوأ وزير دفاع للولايات المتحدة وهو دونالد رامسفيلد في ملفات المعتقل المتعددة وشقيقه «ابو غريب» في العراق.

إذاً نحن أمام صراع بين أصحاب فكرة غوانتانامو وبين جمهور عريض داخل الولايات المتحدة الاميركية والعالم ككل ممثلاً في الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا، ومنظمات حقوق الانسان ومراكز الرصد والمراقبة ذات الصلة بالحريات وتحقيق العدالة. وكل المؤشرات تدل على ان مآل فكرة غوانتانامو إلى الموت وقد يكون التوقيت عام 2009 بعد انتهاء ولاية الرئيس الاميركي الحالي.

أمراض بشأن غوانتانامو

لقد أدت فكرة غوانتانامو التي وصفناها بأنها فكرة قانونية متطرفة الى ايجاد العديد من الأورام والأمراض الجانبية بشأن الفكرة الأم. لقد اضطر مهندسو هذا المعتقل الى اختراعات ادخلت الولايات المتحدة في إحراجات كبيرة، ليس مع عامة الناس أو الرأي العام، بل مع القائمين على رعاية القوانين الدولية والاتفاقيات المتعلقة برعاية السجناء والمحتجزين وتطبيقها، ومنها اتفاقيات جنيف وشرعة حقوق الإنسان.

وأول تلك الأمراض الخبيثة اطلاق صفة «المحارب المعادي» على المحتجزين، وهي صفة أضحكت الكثيرين من المراقبين واصحاب الشأن في القانون الدولي وأبكتهم. وهو اختراع لم يسبق واشنطن فيه أحد. واضطرت استمراراً في هذه الجريمة الى اختراع «مجالس النظر في صفة المحارب» وهي جلسات استماع ادارية لا تقدم ولا تؤخر. وثاني تلك الامراض الاعتماد على «الادلة السرية» وهو ما يلقي على عاتق المحتجز مهمة مستحيلة تتمثل في انكار أدلة لم يرها. وثالثاً استخدام التعذيب والتصريح به علناً لانتزاع الاعترافات، ومعروف أن أشهر دول الشرق الأوسط لا تعترف علناً بممارستها التعذيب عند انتزاعها اعترافات المعتقلين.

ورابعاً، وفي عام 2006 أصدرت ادارة الرئيس الاميركي ما يسمى بـ «قانون المجالس العسكرية» الذي يسمح للحكومة بالعودة الى برنامج سجون المخابرات المركزية السرية لمحاربة الارهاب وهو ما جر ضرراً كبيراً على سمعة الولايات المتحدة الاخلاقية.

وآخر تلك الامراض ما وثقته منظمة هيومن رايتس وواتش بخصوص استعمال حكومة واشنطن مراكز اعتقال سرية في اوروبا الشرقية (بولندا ورومانيا) وأماكن أخرى لاحتجاز ارهابيين مشتبهين من دون السماح لهم بالاجتماع مع محاميهم.

تلك كانت تداعيات المضي في تطبيق الفكرة القانونية المتطرفة.

الترميم والحل

يدخل معتقل غوانتانامو الذكرى السنوية الخامسة، وهي مدة طويلة جداً وغير مبررة للحصول على معلومات من أغلبية معتقلين لم توجَّه إليهم تهم، وعليه فإن ترميم ما حدث يبدأ بالاعتراف علناً بخطأ احتجاز ما يقارب الـ 400 شخص (حسب تقديرات يناير 2007)، وإتاحة الفرصة لهم للجوء إلى القضاء الفدرالي أو إطلاق سراحهم تطبيقاً لقواعد القوانين الدولية الإنسانية.

ثانيا، يجب ألا تخلط الإدارة الأميركية بين ما تسميه «الحرب الشاملة» وحقها في اعتقال من تشتبه فيه بصفته (مقاتلا عدوا) لأن سبب وجود هذا الكم الهائل من المحتجزين هو هذا المبدأ.

وثالثا، يجب الكف عن تجريد سوء المعاملة من الطابع الجنائي، ولا يفيد التذكير بين الحين والآخر بأن القانون الأميركي يدين المعاملة اللا إنسانية للسجناء، ما لم يتحقق ذلك على الأرض.

ورابعا، يجب التوقف عن إرسال المشتبه فيهم إلى دول تشكل خطرا عليهم في ما يتعلق بممارسة التعذيب ضدهم، حتى لو كانت هناك وعود دبلوماسية تنفي التعذيب.

وخامساً، يجب وقف العمل بالمحاكمات العسكرية التي قد تصل أحكامها إلى الإعدام، لأن من شأن المحاكم العسكرية تقليص قدرة المتهم الدفاع عن نفسه، أو دحض الأدلة التي تدينه.

وسادساً، كفالة حق كل محتجز في تقديم شكوى تتعلق بالمعاملة التي يتلقاها مع كفالة قيام هيئة مستقلة بالتحقيق في جميع ادعاءات التعذيب، وكفالة تقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة حتى وإن كانوا من ذوي المراتب السياسية والعسكرية العالية.

بهذه الخطوات يمكن أن يعالَج جرح غوانتانامو وبهذه الخطوات يمكن أن يغلق... لتنشأ على أنقاضه ما أسماه بعض الخبراء «محكمة الأمن الوطني» في إطار نظام قانوني، لاحتجاز من يشتبه فيهم أنهم إرهابيون، وفي هذا الإطار يقول أحد الخبراء في مجال الادعاء الفدرالي (كيلي مور) في مقالة له إن مؤيدي هذا النظام يرون أن قضايا الإرهاب معقدة للغاية، وقد تفوق قدرة المحاكم العادية الفدرالية، وهو ما يحول بينها وبين التعامل مع الأدلة المطلوبة للإدانة من دون تعريض المصادر والطرائق الاستخباراتية لخطر الانكشاف.. وأيا كانت الصيغة التي ستلي إغلاق المعتقل ووسائل التحقيق المتبعة فيه، فإن سمعة الولايات المتحدة جديرة بابتكار صيغة جديدة أو اعتماد نظام المحاكم الفدرالية الحالي الذي يملك سجلا موثقا في التعامل مع القضايا المعقدة حسب قول (كيلي مور).

أبرز المطالبين بإغلاق غوانتانامو

21 /11/ 2005 صرح رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير بضرورة وضع حد نهائي للاعتقال

13 /1/ 2006 طالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس بوش بإغلاق المعتقل.

16 /2 /2006 طالب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان بإغلاق المعتقل.

ويضاف إلى ذلك كل من الرؤساء السابقين جيمي كارتر وبيل كلينتون وعشرات منظمات حقوق الإنسان.

أرقام

العشرون الأوائل من المحتجزين وصلوا الى خليج غوانتانامو في 11 يناير 2002 وكانوا مكبلين بالسلاسل ومعصوبي الأعين.

تشتمل قائمة نشرتها مصادر أميركية رسمية 558 معتقلا ينتمون الى 41 دولة.

يحتل السعوديون أكبر رقم للمعتقلين في غوانتانامو حيث وصل تعدادهم الى 132 شخصا، ثم الأفغان 125، فاليمنيون 107.

حتى العاشر من أغسطس 2007 وصل عدد المعتقلين إلى 355، وقد وعدت الادارة الاميركية بترحيل 80 وتقديم 60 الى المحاكم العسكرية.

نتائج تقرير مركز الحقوق الدستورية عن أموال المعتقلين في غوانتانامو

صدر التقرير المذكور في 15/3/2007 بشأن الإضراب عن الطعام في المعتقل ووسائل التعذيب المستخدمة ضدهم، وفيما يلي النتائج التي توصل إليها معدو التقرير:

ـ الأغلبية العظمى من السجناء بريئون من أي جرم، ولا ينقصهم سوى أن يثبتوا ذلك أمام محكمة عادلة.

ـ أسلوب الإساءة المنهجي لا يزال مستمراً، ووثق بعد اطلاق سراح السجناء البريطانيين عام 2004.

ـ دفعت ظروف المعتقل السيئة إلى أسلوب الإضراب عن الطعام لعدد من المعتقلين (54 شخصاً).

ـ الحبس الانفرادي لمن يُعتقد أنه سجين خطر.

ـ معاقبة المضربين عن الطعام بالإطعام القسري.

ـ استخدام كرسي التعذيب للإطعام القسري.

ـ استخدام الإضاءة العالية لحرمان السجناء من النوم.

ـ تشغيل مروحة تصدر ضوضاء لا تتيح للسجناء النوم.

ـ المراقبة بالكاميرا 24 ساعة وهو ما يتيح الإطلاع على جميع الأوضاع التي يمارسها السجين.

ـ الأغاني الصاخبة.

ـ تدنيس القرآن.

ـ الصراخ على المصلين أثناء صلاتهم.

كويتيون في غوانتانامو

ناصر نجد المطيري أفرج عنه في يناير 2005

عادل الزامل افرج عنه في نوفمبر 2005

محمد الديحاني افرج عنه في نوفمبر 2005

عبدالله العجمي افرج عنه في نوفمبر 2005

سعد العازمي افرج عنه في نوفمبر 2005

عبدالعزيز الشمري افرج عنه في نوفمبر 2005

عمر رجب أمين افرج عنه في سبتمبر 2005

عبدالله كامل الكندري افرج عنه في نوفمبر 2005

فؤاد الربيع معتقل

فايز الكندري معتقل

فوزي العودة معتقل

خالد المطيري معتقل

برأ القضاء الكويتي جميع المفرج عنهم بعد احتجازهم في السجن.