لا تفرطوا في التفاؤل... فمستقبل حدس مظلم

نشر في 23-04-2008
آخر تحديث 23-04-2008 | 00:00
 أحمد عيسى

يجمع كثيرون الآن على أهمية تقديم خطة تنموية، ونتساءل أين كان نواب «حدس» حينما أضاعوا وقتنا والبلد معنا في القضايا الهامشية التي راحوا يلوكون بها، منذ ردح من الزمن، كالاختلاط وتعديل المادة الثانية من الدستور، ومشاريع أسلمة القوانين، حتى تحولت الكويت من دولة رائدة إلى دولة على الهامش على مستوى القرار والحضور عالمياً.

في الموعد ذاته، نجتمع، نجلد ذاتنا، نمعن في رش الملح على جروحنا، نستمع، نرى وطنا آخر، نجهل دهاليزه، يُطلب منا أن نختار الكويت، نتفاعل، نصوّت لمن نثق به، ينفض الموسم، نعود إلى حيث بدأنا، نقطة الصفر، إن لم يكن دونا منها.

في الموعد ذاته، نستمع إلى المرشحين، يسوّقون برامجهم، يطرحون رؤاهم، يعرضون أنفسهم، وفقا لقاعدة أنا الأكفأ ومن بعدي الطوفان، يرسمون المستقبل بألوان «فرايحية»، نقترع، نختار أنسبهم، كل بحسب قناعته، وتواؤمه مع اللون الذي يستهويه، يصلون إلى البرلمان، فتحدث الكارثة.

بحسب رصد شخصي، أجمع السواد الأعظم من المرشحين، بينهم جدد ونواب سابقون، على الإيمان بالتجربة الديموقراطية، وحقن الناخبين بأن المستقبل لا يزال مشرقاً، ورغم أنها فلسفة جميلة، فإنها بحكم التجربة، ستعود علينا بالخراب، فنوابنا الأفاضل، هم الذين أوصلونا إلى هذا الحال، وعلى رأسهم نواب «حدس»، فهم مَن «هندس» حال التراجع التي نعيشها، على الأقل بتراخيهم في حث الحكومة على تقديم تصورها لمستقبل الكويت، في ظل الوفرة المالية التي تتمتع بها خزائن الدولة.

الحريات في بلادي هي الغائب الأكبر، والتراجع في التعليم والصحة بلغ أقصاه، والفساد تمكن من مفاصل الدولة التي تفتقد لبوصلة تقودها إلى بر الأمان، فيما المنطقة تغلي على نار الطائفية والإرهاب، وإقصاء الآخر، ونحن لا نزال نحلم بمستقبل مشرق.

حسناً، سنستمر في الحلم، لكن ماذا سنقدم للمستقبل، كيف سنعالج قضايا الإسكان والبطالة، سوء البنى التحتية، فالمسألة أكبر من مجرد ندوات وحشد قواعد وتحالفات انتخابية توصل المرشحين إلى قاعة عبد الله السالم.

الكل يجمع الآن على أهمية تقديم خطة تنموية، لكن أين كانوا حينما أضاعوا وقتنا والبلد معنا بالقضايا الهامشية التي راحوا يلوكون بها، منذ ردح من الزمن، كالاختلاط وتعديل المادة الثانية من الدستور، ومشاريع أسلمة القوانين، حتى تحولت الكويت من دولة رائدة إلى دولة على الهامش على مستوى القرار والحضور عالمياً.

أين كانت المسؤولية من نواب «حدس» عندما غاب بعضهم عن جلسة ذوي الاحتياجات الخاصة؟ وأين هم من واقعنا الصحي؟ ولماذا الآن غدا الاهتمام بالتعليم، وهم من حظروا التعليم المشترك، بداعي الفصل الجنسي؟ وأين قانون الكشف عن الذمة المالية الذي اُنتخبوا لتقديمه؟!

لا تفرطوا في التفاؤل، ولا تسوقوا علينا بضائعكم المستهلكة، فالكويت بلغت حداً قارب فيه الشعب من الكفر بالتجربة الديموقراطية، وأعلموا أن رسم المستقبل، لن يكون لكم فيه قلم، فما نحن فيه أنتم سببه الرئيس، بعدنا طبعاً.

back to top