Ad

لماذا يا ترى استهدفت إسرائيل عماد مغنية ولم تستهدف خالد مشعل الذي كان أحد حضور هذا الاجتماع، وكانت المخابرات الإسرائيلية استهدفته في عام 1996 في عمان وهي لاتزال تستهدفه حتى الآن؟!

خطير جداً أن تُتهم أرملة عماد مغنية سورية بأنها هي التي اغتالت زوجها الذي اغتيل في نحو منتصف الشهر الماضي، والأخطر أنها قالت إن السوريين قد سهلوا الاغتيال، وهذا معناه، إذا صح الاتهام، أن أمورا كثيرة يجب إخضاعها لإعادة النظر، إذ لا يجوز بعد الآن تصديق الروايات كلها التي حملت المخابرات الإسرائيلية مسؤولية تصفيات لبنان المتلاحقة منذ اغتيال كمال جنبلاط وحتى اغتيال رفيق الحريري وصولاً إلى اغتيال الضابط في الجيش اللبناني فرانسوا الحاج قبل فترة.

إن سعدى بدر الدين، التي عادت إلى إيران بعد اغتيال زوجها في دمشق، ليست من «جماعة» الرابع عشر من آذار اللبنانية حتى تتهم بأنها متحاملةعلى سورية، وأنها عميلة لأميركا وإسرائيل، فهي ابنة الثورة الإيرانية وزوجها أمضى عمره متنقلاً بين المخابرات السورية والإيرانية، وهي امرأة مكلومة، وبالتأكيد أنها تعرف عن عماد مغنية ما لا يعرفه حسن نصرالله ولا أي مخلوق آخر في العالم.

لقد بَنّتْ سعدى بدر الدين اتهاماتها هذه على الحيثيات التالية:

أولا: رفض سورية مشاركة محققين إيرانيين في التحقيق الذي جرى لمعرفة الفاعلين الذين نفذوا عملية الاغتيال هذه ومن أين جاؤوا ولحساب مَن يعملون؟!

ثانيا: إن زوجها قد اغتيل بطريقة فيها الكثير من البساطة والتعقيد في الوقت نفسه، وأن اغتياله تم بينما كان يغادر اجتماعاً مهماً عقد بترتيب من الأجهزة الأمنية السورية وبمشاركة حركة «حماس» وبعض الفصائل الفلسطينية الرافضة الأخرى وفي موقع يعتبر دائرة استخباراتية مغلقة.

والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن بعد أن تطورت الأمور على هذا النحو هو: لماذا يا ترى استهدفت إسرائيل- وفقاً للرواية السورية الرسمية، قبل إجراء بعض التعديلات عليها وزج اسم دولة عربية لم تُسمَّ بعد في هذه التهمة- عماد مغنية ولم تستهدف خالد مشعل الذي كان أحد حضور هذا الاجتماع، وكانت المخابرات الإسرائيلية استهدفته في عام 1996 في عمان وهي لاتزال تستهدفه حتى الآن؟!

إن مما لا شك فيه أن خالد مشعل يشكل خطراً على إسرائيل أكثر بألف مرة من الخطر الذي يشكله عليها عماد مغنية، وبهذا فإن المنطق يقول إن الأوْلى أن تُبذل كل الجهود التي بذلتها المخابرات الإسرائيلية لهذه العملية لاصطياد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» وليس لاغتيال رجل شهرته أكبر من حجمه ومن فعله بكثير، وهو لولا علاقاته القديمة والجديدة أيضاً بالمخابرات السورية والمخابرات الإيرانية لما أصبح شيئاً على الإطلاق.

ربما أن اذاعة الجيش الاسرائيلي بالنسبة لما قالته عن خلاف بين مغنية والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله غير صحيحة، والحقيقة أن هذا الحزب يعيش خلافات داخلية محتدمة منذ فترة، وهنا فإنه غير معروف أي شيء عن موقع عماد مغنية في هذا الخلاف، لكن ما هو معروف تماما أن حسن نصرالله بسبب عوامل كثيرة في مقدمتها عامل «دكتاتورية» الجغرافيا يتخذ مواقف أقرب إلى السياسات السورية منها إلى السياسات الإيرانية ولو من قبيل «التقيّة» والأساليب التكتيكية.

صعب تصديق أن حسن نصرالله متورطٌ في اغتيال رفيق دربه عماد مغنية أو متواطئ مع الذين اغتالوه سواء أكانوا عرباً أم إسرائيليين، لكن ما يجب أن يكون في البال دائما هو أن الكثير من التنظيمات الفلسطينية واللبنانية، وقد يكون من بينها «حزب الله» مخترقة من قبل المخابرات الإسرائيلية حتى العظم والدليل على هذا أن الاغتيالات كلها التي جرت وتجري في غزة، ومن بينها اغتيال الشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي وصلاح شحادة وغيرهم، لم يكن بالإمكان أن تحقق هذا النجاح كله لولا العملاء الداخليين، وأن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اضطر للخروج عن صمته أخيراً والقول إن إسرائيل سهلت لمن رتبوا أحداث رفح الأخيرة. والمعروف أن حركة «حماس» هي التي رتبت عملية اجتياح الحدود المصرية- الإسرائيلية التي كان هدفها إحراج مصر ونقل مسؤولية حصار غزة من الإسرائيليين إلى المصريين.. وحقيقة أن هذه مسألة أقل ما يمكن أن يقال فيها هو أنها مؤامرة ما بعدها مؤامرة.

* كاتب وسياسي أردني