Ad

الخبرة المكتسبة للشرطي تطورت كثيراً خلال الخمسة عشر عاماً الماضية بعد تحول كلية الشرطة إلى أكاديمية وهو أمر يستحق الإشادة، ولكن يبقى هناك دائماً مجال لمزيد من التطوير، خصوصا في مجال انخراط طلبة الأكاديمية في أنشطة إنسانية لخدمة المجتمع، أو في تشجيع القراءة والاطلاع على ما يستفز العقل وينيره بعيداً عن التلقين والرتابة والغيبيات.

كتبت قبل أسبوعين عن أنماط شخصية الشرطي الكويتي، وقلت إنه من المنطقي أن يكون هناك خلل في عملية صقل الشخصية خلال مرحلة أكاديمية الشرطة يجعله يخرج للشارع فاقداً الهيبة، وأن هناك خلطاً بين الضبط والربط من جهة وتجريد الشرطي من إنسانيته من جهة أخرى.

لست معنياً بالجانب العسكري من الموضوع، إذ ذلك يمثل الحد الأدنى للدور المنوط بأي مؤسسة عسكرية، ولكن عندما تسمى «أكاديمية» فإنه متوقع أن تخرج عسكرياً حضارياً، خصوصا إذا كان متوقعاً منه التعامل مع الناس، فالأهم من الضبط والربط والشدة والتحمل هو بناء شخصية الشرطي كإنسان ومواطن، ويتم ذلك عبر ترسيخ المفاهيم الإنسانية كتقدير كرامة الناس واحترام حرياتهم والمساواة والعدالة والانفتاح على الرأي الآخر، وهي مفاهيم نادراً ما نجدها مطبقة في الشارع. ثم تأتي أهمية الثقافة الدستورية وفهم روح القانون قبل نصه، إذ لا يعقل ألا يعي الشرطي حقوق وواجبات المواطن وأدوار المؤسسات الدستورية التي وجد لحمايتها، ولا يعقل أن يطلب منه تطبيق القوانين من دون دراية بها أو بما يهدف منها. أخيراً فإن زرع القيم المهنية لا يقل أهمية، فالمثل القائل «حاميها حراميها» يتجلى عندما يضيع الشرطي قيم النزاهة والأمانة والصدق، وعندما يسيء استخدام سلطته فيجور على الناس ظلماً أو يفاضل بينهم على أسس أخرى غير الالتزام بالقوانين.

من الواضح أن الخبرة المكتسبة للشرطي تطورت كثيراً خلال الخمسة عشر عاماً الماضية بعد تحول كلية الشرطة إلى أكاديمية وهو أمر يستحق الإشادة، ولكن يبقى هناك دائماً مجال لمزيد من التطوير، خصوصاً في مجال انخراط طلبة الأكاديمية في أنشطة إنسانية لخدمة المجتمع، أو في تشجيع القراءة والاطلاع على ما يستفز العقل وينيره بعيداً عن التلقين والرتابة والغيبيات.

أخيراً، يحسب للأكاديمية رفع معايير القبول فيها كالنسبة الدراسية واللياقة البدنية واختبار الشخصية والتوسع في تخريج ضباط الاختصاص الجامعيين، لكن يبقى هنالك قصور، فإعلان دورة الأفراد قبل أسابيع وجه إلى مجتازي الصف السادس (ثانية متوسط لمن هم من جيلي وأكبر)، وهو ما يبرهن على أن مجال الشرطة أصبح مرتعاً للتوظيف فقط، فهل نتوقع أن يفهم مبادئ الدستور والقانون ويتعامل مع الناس بمختلف مستوياتهم من لم يجتز المرحلة المتوسطة؟

Dessert

«ضع كرامتك في الخارج قبل أن تدخل من بوابة الأكاديمية».

هذه مقولة متعارف عليها بين طلبة أكاديمية الشرطة أعتقد أنها تلخص نقاش الهيبة وتجريد الشرطي من إنسانيته، ناهيك عن «الحفلات» و«التنقيع» و«يا لوح» و«اضغط يا بسطار»، وغيرها من عناصر اللغة السائدة في الأكاديمية.