Ad

دائماً ما نشيح بوجوهنا عن الإجابة الأبرز لتشخيص تراجعنا، وهي غياب القانون، ولا نأبه أين يكون الولاء للكويت في قائمة الاختيارات، وهو الذي يفترض فيه أصلاً أن يكون وحيداً، وليس ضمن قائمة خيارات تضم الكويت وغيرها.

رغم مرارة الأيام الماضية، فإن بدء الحملة الانتخابية لمجلس الأمة صباح الأول من أمس، أثبتت أننا نعيش في دولة مؤسسات، وكيان سياسي قائم على الاستقرار، بموجب نظام ديموقراطي يشترك الجميع في صنع قراراه، وليست كما حاول بعضهم تسويقه بأنها دولة كرتونية، ستتبعثر مع أول عاصفة.

كم كانت مرعبة الأيام الماضية، القبيلة تعلو على الوطن، والصراخ يأتي من هنا وهناك، والرغبة المزعجة بكسر القانون رغماً عن أنف الدولة، فلم تعد الكويت خطاً أحمر أمام ممارسات بعض الخارجين عن القانون، وفي الوقت الذي تحاول فيه القوات الخاصة منع الانتخابات الفرعية بالقوة، توالت النتائج برداً وسلاماً في اليوم التالي، وكأن شيئا لم يكن.

في المجتمعات الديموقراطية يذوب الجميع تحت مظلة القانون، فلا يعد الفرق بين المواطن والآخر، سوى بمدى التزامه بالقانون أو الخروج عنه، والتخندق خلف الطائفة أو القبيلة أو الفئة، ليست سوى دلائل صحية لغياب القانون، وعليه يكون التحزب بمفهومه الاجتماعي، تأكيداً على غياب القانون لا تطبيقه، ومتى ما حضرت الدولة بعنف، كان لزاماً الانتباه إلى فداحة الجرم المرتكب.

أخطأ الطرفان في حالة مواجهة الدولة مع أبناء القبائل، فلم يكن هناك داع لاستعراض القوة حد الاستفزاز، ولم يكن هناك من داع بالمقابل لإجراء الانتخابات الفرعية وسط هذا الجو المشحون في بيوت يقطنها أطفال وعجائز ونساء، إلا إذا كان الهدف التصعيد من قبل منظمي الفرعيات أو مكافحيها.

في بلادي، دائماً ما نشيح بوجوهنا عن الإجابة الأبرز لتشخيص تراجعنا، وهي غياب القانون، ولا نأبه أين يكون الولاء للكويت في قائمة الاختيارات، وهو الذي يفترض فيه أصلاً أن يكون وحيداً، وليس ضمن قائمة خيارات تضم الكويت وغيرها.

عبرنا الآن المرحلة الأكثر حرجاً بأمان، وعلمنا أننا نتعامل مع حكومة هاجسها تطبيق القانون، وعليه، نتمنى منها ألا تتراجع، لأن تراجعها خطوة، سيكلفها الكثير من الهيبة، وكم سيسعدنا أن تحول عدتها وعتادها من جبهة الانتخابات الفرعية التي خسرت فيها جولتها الأولى، إلى جبهة محاربة شراء الأصوات، خصوصا أن تعقب الوسطاء والمرشحين، وحقائب المال السياسي، أكثر سهولة من الانتخابات الفرعية، وأكثر تأثيراً وإثباتاً لمدى جدتيها.