Ad

إذا كان هذا هو وضع أداء كتلة العمل الشعبي برلمانياً وثباتها سياسياً ورصيدها شعبياً، فلماذا تدعو إلى حل مجلس الأمة؟ وقد أثبتت المجالس التشريعية الثلاثة الماضية أن الممارسة البرلمانية لكتلة العمل الشعبي، لا يحددها عدد أعضائها بقدر ما يفرضها فكرها السياسي وقدرتها على تحريك آليات العمل النيابي وقوة طرحها ومصداقيتها مع الكتل البرلمانية الزميلة.

إشاعة سعي كتلة العمل الشعبي البرلمانية إلى حل مجلس الأمة من أجل عودة النائب أحمد السعدون إلى كرسي الرئاسة، باتت نكتة سمجة، وإن حاول بعضهم الاسترزاق منها سياسياً والتعويل عليها كأداة تحريض في أوساط القرار، خصوصا لدى القيادة العليا، أو الركون إليها في تسطيح التحليل السياسي لمجمل الأوضاع العامة في البلاد، وتفادياً لتشخيص مكامن الخلل الحقيقية في مفاصل الحياة السياسية وتداعياتها والنتائج المترتبة على الحراك السياسي المستمر منذ سنوات عدة، ناهيك عن أبعاد الخصومة الشخصية لهذا الرجل بشكل عام.

وعلى الرغم من أن الترويج لفكرة الطموح السياسي لرئاسة السعدون بحد ذاته، يعد إقراراً صريحاً من قبل خصومه بشعبية هذا الرجل على الساحة الكويتية، بدليل فوزه المرجح في الانتخابات القادمة من جهة، وكفاءته وقدرته على المنافسة على منصب رئيس مجلس الأمة من جديد لقبوله الواسع برلمانياً في المجلس القادم من جهة أخرى، فإن هذا العنوان المثير لا يعدو كونه أحد «التهويشات» الجدية من قبل المتربصين للإطاحة بمجلس الأمة كسلطة دستورية من خلال التمهيد وجس النبض والتسويق لمشروع الحل غير الدستوري، لأن فكرهم الباطن واثق بأن أي مجلس قادم لن يخلو من نواب كتلة العمل الشعبي سواء الحاليون منهم أو السابقون أو اللاحقون!

فوفق جميع المعطيات السياسية والموضوعية، تعد كتلة العمل الشعبي هي الأبرز نشاطاً في العمل البرلماني، من حيث الأداء الرقابي وتفعيل المساءلة السياسية، أو على صعيد المبادرة بحزمة التشريعات والأفكار والتصورات التي من شأنها تجفيف منابع الإرهاب على المال العام، ناهيك عن التفاعل والتعاطي عن قرب مع القضايا الشعبية التي تلامس احتياجات ومعاناة المواطن البسيط، وتنطلق الكتلة في حركتها البرلمانية براحة كبيرة بعيداً عن قيود وصفقات وترتيبات التيارات السياسية والحزبية، وبحصانة من أي املاءات حكومية كانت أم من أصحاب المصالح والنفوذ.

فإذا كان هذا هو وضع أداء كتلة العمل الشعبي برلمانياً وثباتها سياسياً ورصيدها شعبياً، فلماذا تدعو إلى حل مجلس الأمة؟ وقد أثبتت المجالس التشريعية الثلاثة الماضية أن الممارسة البرلمانية لكتلة العمل الشعبي لا يحددها عدد أعضائها بقدر ما يفرضها فكرها السياسي وقدرتها على تحريك آليات العمل النيابي وقوة طرحها ومصداقيتها مع الكتل البرلمانية الزميلة.

وبنظرة موضوعية ومجردة، فإن هذه الكتلة البرلمانية في أفضل حالاتها داخل المجلس وخارجه، ومواقفها من مختلف القضايا ثابتة ومعلنة سواءً جرت انتخابات مبكرة أو ظلت في موعدها الدستوري عام 2010، بل إن حزمة المبادرات الجديدة التي تزمع الكتلة تقديمها في الأمن المعيشي أو في إصلاح التعليم أو في تطوير الخدمات الصحية، وهي مشاريع واعدة بالنجاح إن شاء الله، قد تعزز ميزانها الشعبي إذا تأخرت الانتخابات حتى موعدها الأصلي... فلماذا تسعى الكتلة إلى حل مجلس الأمة؟!

لقد أعلن أعضاء الكتلة في مناسبات عدة، آخرها خلال الرد على الخطاب الأميري صراحة، أنهم لا يسعون إلى حل البرلمان، لكن في الوقت نفسه لا يهابون فيه التلويح أو التهديد بالحل لأن ذلك لن يزعزع مسارهم النيابي الثابت... والسؤال هنا إذاً: من يريد الحل بالفعل؟ ولماذا؟ هذا ما سنجيب عنه في الجزء الثاني، بإذن الله.