كلنا مشاركون في اختطاف بشار وجاسم!
لا شك أن التفاعل النيابي والشعبي مع قضية اختطاف الزميلين بشار الصايغ وجاسم القامس ارتقى إلى مستوى الحدث وسلط الضوء مجدداً على جهاز أمن الدولة وخباياه، لكن وبعد مرور أكثر من أسبوعين على الحادثة نجد أن الموضوع قد نُسي تماماً، ولم تعد هناك متابعة للحكومة للحصول على موقف وتوضيح منها حيال ما جرى، فإلى الآن لم يخرج لنا أي من وزير الداخلية أو سمو رئيس الوزراء ليشرحا لنا موقفيهما مما جرى ويبينا لنا ما الإجراءات التي اتخذت لمنع تكرار هذه الحادثة، لذلك على مجلس الأمة أن يضرب الحديد (وهو حامي) لا أن ينتظر بدء دور الانعقاد المقبل لمناقشة هذا الموضوع.من ناحية أخرى، ومن خلال قراءة ردود الأفعال على هذا الموضوع، جلست لأبحث عن السبب الذي أدى إلى التمادي وبكل استهتار على حقوق صحافيين هم بالأساس بشر قبل أن يكونا صحافيين أو مواطنين، ففي كل الأحداث التي تمر علينا هناك دروس وعبر يستفيد منها من يتأمل ويتفكر فيها، فتوصلت إلى أن سبب ذلك هو سكوتنا المتواصل عن أحداث مماثلة حدثت في السابق، ولم نكن نحن على مستوى الحدث. فقد سكتنا عن الاعتداء على الزميلين عادل العيدان وغانم السليماني، وسكتنا عن استدعاء هذا الجهاز للأعضاء المؤسسين لـ«حزب الأمة» وما لاقوه من معاملة فظّة أثناء استدعائهم، وسكتنا عن موت المتهم بقضية «أسود الجزيرة» عامر خليف في السجن في ظروف غامضة، قالت عنها الجهات الرسمية إنها نتجت إثر (هبوط مفاجئ في الدورة الدموية) ومن دون أن تُعرض جثته على جهة مستقلة غير حكومية، وبالرغم من فداحة ما ارتكبه هذا التنظيم، فإن ذلك لا يعد مبرراً لقيام الأجهزة الأمنية بدور القضاء وعدم معاملة أعضائه بالطرق القانونية.
إضافة إلى تلك الأحداث، فقد سكتنا أيضا عن استدعاء أعضاء «حزب التحرير» الذين اعتقلوا فقط لأنهم يتحدثون عن أهداف بعيدة جداً عن الواقع الذي نعيشه، بل سكتنا ومازلنا نسكت عن إهانة وتعذيب العديد من المستضعفين من المقيمين والعمالة الآسيوية والبدون الذين لا ظهر لهم، وكانت لفتة جميلة جداً من الزميل جاسم القامس عندما تحدث عن هؤلاء في المهرجان الذي نظمه «التحالف الوطني الديموقراطي» مع أن التجمع كان لنصرته هو وزميله بشار لا للحديث عما يتعرض له الآخرون على يد هذا الجهاز. فإذا كانت هناك نظرة لدى عامة المواطنين بأن هؤلاء (وخصوصا العمالة الآسيوية والخدم) هم بشر من الدرجة الثانية ويجوز ضربهم لسبب أو من دون سبب، فما بالكم بنظرة الأجهزة الأمنية كلها تجاه هذه الفئة من المقيمين؟! ويمكن للجميع تصفح الإنترنت ليروا بأنفسهم مقاطع فيديو للإهانة والمعاملة غير الإنسانية التي يتعرض لها هؤلاء على أيدي رجال الأمن.فأمام كل هذه الأحداث التي فشلنا في اتخاذ موقف قوي وواضح تجاهها، (أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض) فمن أمِن العقوبة أساء الأدب، وإذا كنا فعلاً نحترم حقوق الإنسان، فيجب على بائنا أن تجر كل الأحرف، لا أحرفاً على حساب أحرف أخرى، أما جهاز أمن الدولة فقد تحول عمليا إلى جهاز أمن للسلطة فقط، وإلا أين هو عن المجرمين الحقيقيين الذين يهددون أمن (الدولة)؟ أين هم (مثلاً) من تجار الإقامات المعروفين فرداً فرداً لدى وزارة الشؤون، وهم مسؤولون عن تفشي ظاهرة العمالة الهامشية وما يصاحبها من جرائم كان آخرها جريمة وحش حولي؟! أم إن (أبوي ما يقدر إلا على أمي)؟!