ونحن نقترب من الذكرى الأولى للتطبيق الفعلي لقانون المطبوعات والنشر، وتدشين صدور باقة من الصحف الجديدة، وما صاحبها من إيجابيات وسلبيات، مازالت القناعات راسخة بأن فتح وتوسيع قناة التعبير عن الرأي بواسطة السماح بتأسيس صحف جديدة يعتبر خطوة إيجابية وركيزة لتطوير العمل الديموقراطي، لأنه لا توجد ديموقراطية من دون حرية تعبير، هذا بالرغم من التحفظ الذي أبداه البعض على بنود القانون الحالي، والذي أُقر بعد 40 عاماً من العمل بقانون المطبوعات والنشر السابق، وانه لا يمكن إصدار أحكام مسبقة مبنية على معرفتنا بالأشخاص الذين يقفون وراء إشهار صحف جديدة، لأننا كما نرى أمام شرطين يجب أن يتحققا، وبعدها يكون من حق أي فرد إصدار صحيفة: الشرط الأول هو الالتزام بشروط قانون الإصدار، والشرط الثاني هو في الملاءة المالية لصاحب المشروع، أما الانتماء السياسي أو العائلي أو الطائفي لصاحب الصحيفة فهو عامل يجب ألا يؤثر في حكمنا المبدئي عليه، وأنه يجب الانتظار إلى حين الصدور، أو متابعة أعمالها للحكم عليها حكما موضوعيا، وبالتالي يكون التقييم لهذا المنتج الصحافي من خلال مدى خدمة الصحيفة للمشروع الوطني والديموقراطي والإصلاحي والمجتمع بصفة عامة، وابتعادها عن خدمة الأهداف الخاصة، لاسيما أن بعض الأطروحات الصحافية الحالية تنحى هذا المنحى.

Ad

كما نتمنى أن تخلق الصحف الجديدة تنوعاً في الأفكار وتتناول حلولاً للمشاكل العالقة في البلد، وتحرص على وحدة الصف الوطني وتتفق على أولويات المجتمع ضمن التنوع الفكري الموجود في الساحة السياسية.

و كما أن هناك تساؤلات بشأن مدى مساهمة إصدار الصحف في تقوية فكرة الأحزاب السياسية بحيث تستطيع الكتل في هذا المناخ الجديد، وبعد صدور القانون، أن تؤسس صحفا خاصة بها وتوصل أفكارها وبرامجها من خلالها، وهنا يجب التأكيد على أن يكون لكل تجمع سياسي قناة إعلامية تنشر من خلالها برامجها لأن الوضع السابق وضع غير ديموقراطي في ما يتعلق بحرية التعبير والنشر.

أما من الناحية المهنية فإن سوق الصحافة المهني في الكويت ومحدوديته من ناحية الكم والكيف في ظل تكوين صحف جديدة وحاجتها الى كوادر جديدة في البداية، ستشهد عملية رواج كبيرة للصحافيين الكويتيين، وستشهد أيضا الشيء ذاته بالنسبة الى الصحافيين غير الكويتيين، فهم يشكلون هدفاً لهذه الصحف، وستكون المنافسة شديدة بين الصحف لاستقطاب الكوادر الصحافية، لكن سيبقى في النهاية أن الصحيفة الجادة هي التي ستستمر وتنافس وكل ذلك بتكاليفه المعروفة، وعن طريق خلق كوادر خاصة بها عبر التدريب المحترف والانتقاء المتميز لكوادرها، ومن جانب آخر ستشهد بروز ظاهرة الصحافيين غير المتخصصين، لأن الصحافة هواية وموهبة في الأساس وليست شهادة إعلام فقط، وهذه ظاهرة معروفة ومنتشرة في وطننا العربي، فكثير من الكتاب المعروفين اليوم إما أطباء أو مهندسون أو أكاديميون ليسوا بالأصل مؤهلين أكاديميا لهذه المهنة (صحافيين)، ولذلك نرى أن كلية الإعلام في جامعة الكويت تخرج الكثير من الإعلاميين، ولكن من النادر منهم من ينخرط في الصحافة المكتوبة سواء اليومية أو الأسبوعية أو المرئية والمسموعة، وهذا الأمر يتطلب توفير ضمانات وتحقيق جانب من الاستقرارين الوظيفي والمادي فهذا من مسؤولية الصحف والنقابات المهنية في اعتقادي.