الملك الأميركي والبيادق العربية
الكل أمام الملك الأميركي «بيادق»، وملتزم بما يقرره له ويطلبه منه بداية من الحضور إلى آنابوليس مروراً بتأييد سنيورة-لبنان ومالكي-العراق، ونهاية بمعاداة إيران. منذ نحو عامين أرسل الرئيس الأميركي السيدة «رايس» وزيرة خارجيته إلى الشرق الأوسط للقيام بجولة في الدول العربية وإسرائيل للترويج لمفهوم الشرق الأوسط الجديد ومناقشة الوضع في العراق والتقت الوزيرة وزراء الخارجية العرب، وكتبتُ مقالاً تعليقاً على الزيارة بعنوان «العمة رايس وبيادق الشطرنج» واليوم يأتي الرئيس الأميركي بنفسه للقيام بهذه الجولة فكان لزاماً تغيير النصف الأول من عنوان المقال ليتناسب مع المقام الأميركي، أما على الجانب العربي فلم أجد ضرورة للتغيير فالكل أمام الملك الأميركي «بيادق»، وملتزم بما يقرره له ويطلبه منه بداية من الحضور إلى آنابوليس مروراً بتأييد سنيورة-لبنان ومالكي-العراق، ونهاية بمعاداة إيران، فالكل ملتزم ومطيع وينفذ الأوامر. تعتبر جولة الرئيس بوش هي الأخيرة له في الشرق الأوسط قبل رحيله، وبالتالي يمكن تسميتها بالجولة الوداعية التي يقوم بها المسؤول لشكر معاونيه عند نهاية عمله فهل هي فعلاً كذلك؟ أم أن هناك أجندة جديدة سيطالب الحكام العرب بالتزامها؟ وهل يكتفي الرئيس بوش بتقديم الشكر لمصر ودول الخليج على مساندتها الدائمة له طوال سنواته السوداء في البيت الأبيض، والحصول على إخلاء طرف وشهادة حسن سير وسلوك وبراءة ذمة من إسرائيل؟ هل جاء من أجل هذا؟ أم أنها في الحقيقة زيارة لا قيمة لها ولا تقدم ولا تؤخر؟! ذكرت التقارير الصحفية أن تكلفة زيارة الرئيس الأميركي إلى القدس تبلغ نحو 400 ألف دولار كاملة ولا أدري من سيتحمل تلك التكاليف في الدول العربية التي سيزورها الرئيس بوش ومرافقوه الذين يتجاوز عددهم الـ400 كما ذكرت الصحف؟ هل ستتحمل ميزانية مصر، على سبيل المثال وكي لا تغضب الدول العربية الأخرى، مصاريف هذه الزيارة أم يتحملها الجانب الأميركي؟ ألم يكن أجدى أن توفر الحكومة المصرية كل هذه التكاليف بدلا من الصراخ والعويل حول المعونة الأميركية وتخفيضها أم أننا كما يقول المثل الشعبي «طلب الغني شقفة، كسر الفقير زيره... جت الفقير خيبة ما أقل تدبيره»؟! * * «شقفة»: قطعة صغيرة رقيقة من الحجر... و«الزير»: وعاء كبير من الفخار يملأ بالماء الصالح للشرب.