Ad

لا فرق بين الدكتاتوريات العسكرية والعائلية في وطننا العربي. ونتساءل، مثلاً، هل تسمح الدكتاتوريات العائلية بوجود أحزاب أخرى (هي لا تسمح أصلا بوجود ولو حزبا واحداً) وهل لا يخضع القضاء والإعلام والثقافة - وإن شئت الدقة الدين أيضا - لسيطرتها من أجل السيطرة على شعوبهم ومقدرات الوطن؟

في مقال للدكتور شاكر النابلسي (الجريدة 28/8) تحدث سيادته عن كوارث الدكتاتوريات العسكرية التي حققت الاستقلال «الصوري» العربي على الدولة العربية الحديثة في النصف الثاني من القرن الماضي، ومع احترامنا وتقديرنا للكاتب الكبير إلا أنه لم يوضح في مقاله رأيه في الدكتاتوريات غير العسكرية (العائلية مثلا) وتأثيرها في الدولة العربية في الفترة نفسها.

في الحقيقة يصلح المقال المذكور أن حديثاً عن كوارث الدكتاتورية بصورة عامة، من دون تفريق بين عسكرية أو غيرها، فما ذكره هو مظاهر للدكتاتورية في أي زمان ومكان، وهو محق تماماً فكوارث الدكتاتورية كبيرة جداً؛ كمنع التعددية، واعتبار المعارضين من الخوارج، والسيطرة على القضاء والإعلام، وكذلك تسخير الثقافة لخدمة الحاكم، وغير ذلك من مظاهر ليت د. النابلسي ذكرها.

فلا فرق بين الدكتاتوريات العسكرية والعائلية في وطننا العربي... ونتساءل، مثلاً، هل تسمح الدكتاتوريات العائلية بوجود أحزاب أخرى (هي لا تسمح أصلا بوجود ولو حزبا واحدا) وهل لا يخضع القضاء والإعلام والثقافة - وإن شئت الدقة الدين أيضا -لسيطرتها من أجل السيطرة على شعوبهم ومقدرات الوطن؟

إن الدكتاتورية شر ووبال في كل الأحوال أيا كان نبتها وغرسها، وربما تكون العسكرية أقل وطأة رغم شرورها، فربما تنتهي في يوم ما ولو بانقلاب آخر يأتي بدكتاتورية أخرى أقل أو أشد من سابقتها. أما الدكتاتورية العائلية فلا أمل إطلاقاً في تغييرها مهما كانت. كما أننا كمواطنين عرب نتمسك بـ %1 من الأمل زرعه أحد الحكام العسكريين لإحدى الدول التي ذكرها سيادته كنموذج للدكتاتوريات العسكرية في أواخر القرن الماضي، فهل يمكن سيادته أن يدلنا على نموذج مشابه في إحدى الدكتاتوريات العائلية؟ لا أظن.

وهل قام أحد الدكتاتوريين العسكريين بنسب البلد كلها بمواطنيها وشعبها إلى نفسه كما يفعل آخرون؟

الكاتب الكبير... لا أريد أن أثير مواجعك أو مواجعي أكثر، فهي كبيرة بمساحة الوطن العربي كله من محيطه الهادر إلى خليجه الثائر من دون تفرقة بين دكتاتورية وأخرى. وأتمنى ألا تعتبر هذا المقال رفضاً أو اختلافاً، ولكنه فقط توضيح للناشئة في الوطن العربي كي لا ينخدع بعضهم بأن هناك أنواعاً حميدة من الدكتاتورية وأخرى سرطانية!

أما الحديث عن الاستقلال «الصوري» فتلك قصة أخرى تستحق مقالاً آخر بإذن الله...