Ad

هل لايزال البعض يصر على أن مفهوم الإسلامي يساوي الظلامي من دون تردد، وأن مفهوم العلماني والليبرالي يساوي المستنير دوماً؟!

إنها أسئلة ملحة تطرق بيوت العلمانيين والليبراليين بإلحاح هذه الأيام بعد أن أثبتوا فشلهم وعجزهم في تحمل الآخر حتى وهو يتماهى معهم على أسس ومعايير يزعمون أنها من إنجازاتهم.

أفرز «صندوق العجائب» الديموقراطي قبل أيام من جوفه المخفي حزب «العدالة والتنمية» التركي المحسوب على الإسلاميين، بمنزلة الفائز والمنتصر في اختبار التحدي الذي رمته المعارضة الجمهورية بوجهه وحرضت عليه الرأي العام الداخلي والخارجي باعتباره خطراً على العلمانية، بل حتى الديموقراطية!

قد يعجبك سلوك هذا الحزب الفائز أو لا يعجبك، وقد تتفق مع توجهاته والإيديولوجية التي يرفعها وقد لا تتفق، لكنك لا تملك إلا أن ترضخ إلى نتائج ذلك «الصندوق العجيب» ما دمت قد اتخذته وسيلة ومعياراً أو ميزاناً لقياس توجهات الشارع أو الرأي العام!

هذا الأمر يجب ألا يختص أو ينحصر بتركيا كما يفترض، بل هو أمر عام ينطبق على أي بلد ارتضى هذه الوسيلة لقياس الموازين. فقبلها حصل هذا الاختبار في فلسطين المحتلة وقبلها حصل مثله في أماكن أخرى في العالم، ومن بينها الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أجرت أكثر من 25 عملية انتخابية منذ أن قررت دخول العهد الديموقراطي معلنة القطع التام والنهائي مع عهد الاستبداد الليبرالي العلماني.

الأسئلة التي تطرح نفسها الآن بقوة بعد كل هذه التجارب الغنية هي التالية:

أولا: هل لايزال البعض يعتقد أن هذا «الصندوق العجيب» لا يصلح للإسلاميين وأنه حكر على الليبراليين دون سواهم؟!

ثانيا: هل فعلاً أن هذا «الصندوق العجيب» لا يخرج من جوفه إلا الليبراليون أو العلمانيون أو «الجمهوريون»؟!

ثالثا: هل فعلاً أن معركتنا الاجتماعية والسياسية الأساسية هي بين من يوصفون بـ«التقدميين»، وهم حصراً من العلمانيين، وبين الرجعيين، وهم حصراً من الإسلاميين؟!

رابعا: هل لايزال البعض يصر على أن مفهوم الإسلامي يساوي الظلامي من دون تردد، وأن مفهوم العلماني والليبرالي يساوي المستنير دوماً؟!

إنها أسئلة ملحة تطرق بيوت العلمانيين والليبراليين بإلحاح هذه الأيام بعد أن أثبتوا فشلهم وعجزهم في تحمل الآخر حتى وهو يتماهى معهم على أسس ومعايير يزعمون أنها من إنجازاتهم، وأنها قارب النجاة للبشرية، وأنها نهاية التاريخ والجغرافيا، بل نهاية إبداعات البشرية!

إنهم وكما سمعتم وتابعتم لم يتحملوا «صندوق العجائب» هذا، وهو «صنمهم» الذي يعبدون وإنجازهم التاريخي الذي به يفتخرون كلما أفرز من جوفه «إسلامياً»، بل حتى ليبرالياً معدلاً أو علمانياً مجاملاً لا يقبلون به إلا مخلوقاً مستنسخاً منهم... « شبحا» يتعهد بالمحافظة على النظام العلماني الذي يعبدون! ثم لا يستحون بعد ذلك أن يطالبوا الإسلاميين بتحرير نظام الحكم من حكم الدين وقيود الإيديولوجيا التي يستنكرون، وينسون أو يتناسون أن الليبرالية التي يمارسون والعلمانية التي يعتقدون أضحت هي اليوم ذلك «الأفيون» الذي يكرهون!

وهنا أصبح من حقنا نحن، عامة الناس، أن نطالبهم بتحرير الدولة ونظام الحكم من «صنمهم» الذي يعبدون! وأن يتوجهوا بصدق الى دراسة تجارب شعوبهم الغنية بالعبر والخبرات المتراكمة، وأن يخرجوا من شرنقة «لا ديموقراطية إلا في إطار النظم العلمانية والعقيدة الليبرالية»، لأن ذلك من شأنه أن يجعلهم حلفاء طبيعيين لأعداء أمتهم من الإمبرياليين والطامعين بثروات أوطانهم، وأن يصبحوا أصدقاء دائمين للمحتلين والغاصبين للأرض والحقوق، ومن ثم لن يجدوا من يعطف عليهم أو ينقذهم من عثرات الزمان أو عاديات الدهر إذا ما جد الجد وحمي الوطيس! وأمر ذلك لم يعد، بعد كل الحماقات التي ارتكبت باسم التقدمية والعلمانية والليبرالية، ببعيد!

 

الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني