Ad

يبدو أن زعيمة المعارضة في بورما أونغ سان سوكي الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام، والتي قضت 11 عاماً من أصل 18 سنة خلال نشاطها السياسي تحت الإقامة الجبرية، في الطريق إلى تكرار تجربة مانديلا إبان الحكم العنصري لجنوب أفريقيا.

لانزال نعايش منذ الأسبوع الماضي أحداث بورما أو ميانمار، التي يبلغ سكانها أكثر من 40 مليون نسمة، ويعيش معظم الشعب على دخل أقل من دولار واحد في اليوم، بينما بلغ ما ارتدته ابنة رئيس السلطة العسكرية وهدايا حفل زواجها عشرات الملايين من الدولارات.

وحوش القهر والعنف والفقر أجبرت الرهبان البوذيين المسالمين دائماً، على الخروج بالمئات للمطالبة باحترام الدستور، ونتائج تصويت الشعب الذي أعطى الأغلبية لزعيمة المعارضة أونغ سان سوكي الحائزة على جائزة «نوبل» للسلام، والتي قضت 11 عاماً من أصل 18 سنة خلال نشاطها السياسي تحت الإقامة الجبرية، ولعلها في الطريق إلى تكرار تجربة مانديلا إبان الحكم العنصري لجنوب أفريقيا.

على الطرف الآخر، ليس حال شعب زيمبابوي بأحسن من حال شعب بورما، فلاشيء يؤكل على أرفف المحال في أكثر الدول الزراعية خصوبة، بينما يعيش رئيس الدولة موغابي وخاصته أعلى مستويات البذخ، أرخص الأمور في زيمبابوي أرواح الناس وكراماتهم، وآخر العقبات لمنع السلطة من قتل المعارضين وقهرهم هو الدستور والقانون وأبسط قواعد حقوق الإنسان، لذلك تتشارك زيمبابوي وبورما في مستوى الفقر القاتل وحالة عدم الاستقرار المستمر.

وسلمت سلطات تشيلي رئيس جمهورية بيرو إلى سلطات بلاده ليحاكم بتهم قتل الطلبة أثناء فترة حكمه وبتهم الفساد وهروبه إلى اليابان، وكانت تشيلي قد عانت حكم الدكتاتور بينوشيه الذي عاث في البلد قتلاً وفساداً قبل أن يسلم إلى سلطات بلاده بعد هربه، ثم يخصع للمحاكمة في البلد الذي عذبه.

وأخيراً، ها هو العراق الذي قُتل في الحروب الخارجية، التي تسبب فيها دكتاتوره، أكثر من المليون من البشر، وقُتل مليون آخر في حروب رئيسه الداخلية، وحولت الدكتاتورية أغنى دول العالم إلى شعب يستجدي بطاقة التموين ويعيش حالة مزرية متخلفة نصف قرن من الزمان على أقل تقدير.

هذه مجرد نماذج من مواقع مختلفة من العالم، ولكنها ليست مجرد نماذج صارخة ومعزولة، فغيرها كثير في عالمنا المعاصر وإن اختلفت الدرجات، ومعظم نماذج التاريخ، بما فيها نماذجنا المذكورة، وعت حقيقة واحدة، وهي حتمية انتصار سيادة القانون واحترام الدستور في صناعة الدول المحترمة والحضارية، ولكنها وعتها بعد خراب البصرة، والمؤلم أنه مازال في عالمنا وبلدنا من سوف ينتظر حتى خراب البصرة، كي يستفيد من تجارب التاريخ.