Ad

المتابع للمدونات الكويتية يمكنه أن يرى بوضوح أن الهجرة أو التفكير بالهجرة أصبح حال كثيرين ممن فُجعوا بوطنهم وأحبطوا بآمالهم وأحلامهم.

«قتل الحلم الجميل»... هكذا عنون الشاب الرائع رسالته عبر مدونته التي أعلن فيها قراره النهائي بالهجرة من الكويت بعد دراسة ومعاناة، لم يهرب هذا الشاب ولم ينهزم ولم يستسلم لرغبات أنانية أو إغراءات مادية، هاجر لأن حلمه البسيط قد قتل، وما حلمه؟ هكذا وصفه برومانسيته وبساطته:

«لكل إنسان منا أحلامه وأولوياته، لطالما كان حلمي الوحيد هو توفير حياة أفضل لأطفالي، لطالما كان همي بألا يصدم أطفالي نفس الصدمة النفسية التي واجهتها، لم أكن أعرف معنى الطائفية ولكن أعرف معاني أسماء القبائل، وكنت أظن اننا نعيش في عالم مثالي، لكنني لم أتصور يوماً بأن يتقاتل الإخوة على مصالحهم الخاصة ضاربين عرض الحائط بصحة أمهم العليلة.

حاولت أن أدعو إلى بعض الأفكار الخاصة التي أؤمن بها، وكانت النتيجة... الملاحقات والمضايقات... نعم يترك المختلس يسرح ويمرح في هذه الأرض الطيبة ومن عاث بالأرض فساداً وراح يقتل ويحمل السلاح في وجه أخيه الإنسان... ويلاحقون الأشراف الذين كانوا يدعون بالكلمة الطيبة بعيداً عن التفرقة والعنصرية»

والمزعج والمحزن ان هذا الشاب لا يشكل حالة فردية أو استثنائية، فالمتابع للمدونات الكويتية يمكنه أن يرى بوضوح أن الهجرة أو التفكير بالهجرة أصبح حال كثيرين ممن فجعوا بوطنهم واحبطوا بآمالهم وأحلامهم، ويمكن ملاحظة النمط نفسه من مراقبة سوق العمل، فالهجرة بدأت بقطاع الأطباء، ثم المهندسين ثم العاملين في القطاع المالي من مصرفيين ومتداولي الاستثمار، وبشكل عام لا تشير الدلائل إلى رغبة في الثراء المالي -وان كان ذلك ينطبق على بعضهم- فالهجرة لها تكاليفها المادية والنفسية، فما العائد الذي يفوق كل هذا؟

«البعض قال انسحابا... آخرون أسموه هروباً... بعضهم اتهمني بالضعف والأنانية... قولوا ما شئتم لكنني لن أكون شاهداً على قتل هذا الوطن... تلتفت حولك وترى الأخطاء الصغيرة وهي تهمل... نتكلم عن الملايين المسروقة، وكل منا يسرق الفتات ونحلل لأنفسنا ذلك... كيف لي أن أسامح نفسي وأن أضع أطفالي في البيئة (إن لم تكن أسوأ) التي ستقتل أحلامهم؟!! كيف لي ذلك؟

هل تعيبون عليّ أنني أرفض أن أعيش عالة على هذا المجتمع؟ لا أريد معاشاً من الحكومة ولا أريد تعليماً مجانياً سيئاً ولا خدمات صحية متهالكة... لقد رفضت كل هذا منذ زمن... أريد أن أعيش في مجتمع يحس كل منا فيه بإنسانيته... فهل طلبت المستحيل؟ أريد أن يسود القانون وأن نطبق فعلاً مبادئ الحرية والعدالة والمساواة... أريد أن يحب كلٌ منا الآخر».

العائد الأكبر هو ضمان حياة للأبناء أفضل مما حصلنا عليه، حياة بعيدة عن النفاق الاجتماعي والماديات والتخلف والفساد، حياة تضمن لهم حقوقهم ما داموا يستثمرون طاقاتهم وينجزون بشرف وأمانة، حياة لا يعني فيها اسم العائلة أو القبيلة أو الطائفة أي شيء سوى تاريخ، حياة كريمة وعادلة، العائد الأهم غسل اليد من جريمة اغتصاب الوطن التي تتكرر بشكل يومي والامتناع عن دور الشاهد الصامت لجريمة القتل لأحلامنا.

لقراءة المزيد : http://7ilm.blogspot.com/2007/09/blog-post_09.html