Ad

إن لبنان اليوم على مفترق طرق خطير فإما أن يحسم أهله خيار وجهته المقبلة بالتوافق والتراضي وتحديداً باتجاه العض بالنواجذ على عروبة لبنان واستقلاله وتحرره من المشروع الأميركي الشيطاني، أو أن يتم هذا الحسم من خلال اندلاع «مواجهة» هي أقوى وأشد وأكثر خطورة من حرب يوليو الماضية.

ثمة فضاءات غير مشجعة تحوم حول الملف اللبناني لا توحي بقرب الانفراج على صعيد ما بات يعرف بالاستحقاق الرئاسي، فلا المبادرة العربية تمكنت من تحقيق اختراق يقرب بين رؤية الموالاة والمعارضة ولا المعادلة الدولية باتت مهتمة بحل لهذه المعضلة أو حتى التفكير بمثل هذا الملف بعد أن صار لبنان كله وراءها في ظل الصراعات المحتدمة على مناطق النفوذ الأفرو-آسيوية، من جهة ودخول الأميركيين في الحمى الانتخابية التي قد تنسيهم حتى جنودهم المنتشرين في مختلف بقاع الأرض من جهة أخرى!

على صعيد آخر فإن تقرير فينوغراد الذي كشف عورة الإسرائيلي «الذي لا يقهر» والذي قد يكون سبباً في استنفاره على أكثر من صعيد في محاولة لرد الاعتبار لعنجهيته التي تمرغت فوق التراب اللبناني، قد يدفع الحاكم الإسرائيلي الطائش لارتكاب حماقة جديدة تجاه لبنان، وهو الأمر الذي بدأت مؤشراته تلوح في الأفق في الأيام الأخيرة من خلال تكثيف الطلعات الجوية وتكرار الخروقات ورفع درجتها إلى مستوى اغتيال مواطنين لبنانيين وجرح آخرين ما يمكن اعتباره شكلا من أشكال الإسقاط المتعمد للقرار 1701 وما يمكن أن يترتب عليه من تداعيات خطيرة قد تجعل اندلاع المواجهة في المنطقة مسألة وقت وتوقيت مناسب يبحث عنه كلا الطرفين الرئيسين «حتى إن قيل إن الذين أطلق عليهم الرصاص تجار مخدرات فالنتيجة هم لبنانيون»!

الوضع الداخلي اللبناني هو الآخر يمر في واحد من أسوأ أنواع التخبط والانقسام والأزمات المطلبية المستفحلة على أكثر من صعيد، مما يجعل الداخل اللبناني بيئة صالحة ومناسبة لاندلاع حروب جديدة وليس للمصالحة بين الفرقاء كما هو معلن!

من ناحيته فقد كان الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني قد حذر وهدد في آخر خطبة له بأنه والمقاومة الإسلامية لن يسكتا على استمرار الخروقات والتعديات والاستفراد بالمواطنين المدنيين.

كل هذه العوامل والمؤشرات توحي بأن لبنان لا يمكن أن يبقى طويلا على هذه الشاكلة وإن انفجار الأوضاع فيه أو من حوله أمر قد يقع في أي لحظة وتحت أي حجة أو ذريعة ما لم تتدخل «المعجزة الربانية» لإنقاذه مما يخطط له من مؤامرات جهنمية!

المطلعون على تفاصيل وخبايا الوضع اللبناني الداخلي وما أحاط ويحيط به من تعقيدات وتشابكات وتحديات يقطعون أن الحل الوحيد المتوافر والمتاح لمنع الانفجار هو إذعان ما يسمى بالموالاة لشروط حكومة وحدة وطنية في إطار سلة متكاملة من الحل، لطالما أصرت عليها المعارضة رغم قدرتها على حسم المعركة الداخلية لمصلحتها بكل سهولة لولا حرصها على السلم الأهلي ومنع تحقق مخطط الفتن المذهبية المتنقلة المعدة لكل قطر عربي وإسلامي!

هذا الوضع الاستثنائي قد يدفع بالعدو الصهيوني المحشور في الزاوية للتفكير مجددا للاستفراد بلبنان، وهو ما لن يمر بسهولة أبدا وقد يفتح حرباً من نوع جديد ستغير وجه المنطقة وربما التاريخ المعاصر كله كما سبق وحذر الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني!

وعندها سيكون متأخراً جدا على أي وسيط عربي أو دولي أن يفعل شيئاً تجاه لبنان، تماما كما سيكون متأخراً جداً على فريق الموالاة اللبناني القبول بأي صيغة توافقية للحكم، هذا إن بقيت أصلا تشكيلة ما يعرف اليوم بالموالاة على المسرح السياسي اللبناني!

إن لبنان اليوم على مفترق طرق خطير فإما أن يحسم أهله خيار وجهته المقبلة بالتوافق والتراضي وتحديداً باتجاه العض بالنواجذ على عروبة لبنان واستقلاله وتحرره من المشروع الأميركي الشيطاني، أو أن يتم هذا الحسم من خلال اندلاع «مواجهة» هي أقوى وأشد وأكثر خطورة من حرب يوليو الماضية، ولقد أعذر من أنذر من العرب والمسلمين والمسيحيين اللبنانيين ولن ينفع الندم غداً ولن يبقى مجال كذلك لأحد للوقوف على الحياد كما لن يسمح لأحد بأن يطعن في الظهر هذه المرة أيضا من دون عقاب!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي- الإيراني