حسناً فعلت إيران عندما سارعت إلى إرسال وزير خارجيتها منوشهر متقي إلى المنامة لتبديد الغضب الذي أثاره مقال حسين شريعتمداري في صحيفة «كيهان» الإيرانية، فإيران ليست بحاجة الى أي مناوشات جانبية، وهي تنتظر حرباً مدمرة مع الولايات المتحدة قد تنفجر في أي لحظة والمفترض أن يسعى الإيرانيون في هذه المرحلة الصعبة ليس إلى استفزاز جيرانهم العــرب، بل إلى كسب هؤلاء الجيران وإشعارهم بالاستقرار والحرص على أمنهم وعلى أن المصالح معهم مشتركة!!
هناك مثل عربي يقول: «جاهلٌ يرمي حجراً في بئر لا يستطيع ألف عاقل إخراجها منها»، ولهذا فإنه ما كان يجب أن يُترك أيُّ محسوب على السيد علي خامنئي أو أي مسؤول إيراني آخر أن ينثر الجمر في كل الاتجاهات في منطقة لا ينقصها سوى عود ثقاب صغير كي تشتعل أكثر مما هي مشتعلة والحديث النبوي الشريف يقول: «درْءُ المفاسد خيرٌ من جلب المنافع». لا يوجد في هذه المنطقة عربي واحد، اللهم إلا إذا كان من نمط صدام حسين أو من خريجي مدرسة الجنون التي كان يقف على رأسها والتي لايزال لها بعض الأتباع في العـراق وفي خارجه، لا يرغب في جوار حسن مع إيران ولا يتمنى لهذه الدولة الإسلامية، التي من المفترض أن عوامل اللقاء بينها وبين العرب أكثر كثيراً من عوامل الافتراق، إلا الخير والاستقرار والمؤكد أن الإيرانيين العقلاء يعرفون أن هذه الرغبة بحاجة إلى رغبة مماثلة مقابلة فاليد الواحدة لا تصفق والجوار الحسن لا يمكن أن يكون بإرادة طرفٍ واحد إنه يحتاج الى إرادة الطرفين. ليس في مصلحة إيران، إنْ الآن أو في المستقبل البعيد والقريب، أن تكون المنطقة العربية على الشاطىء الآخر من الخليج، الذي لا مبرر للإصرار على أنه فارسي وأن «مضيقه» هو مضيق هرمز، خائفة ووجلة من ثورتها فهذا سيجعلها مضطرة للتعاون مع أيٍّ كان لحماية نفسها والتصدي لأي مُتدخِّل في شؤونها... وهنا فإن المؤكد أن الإيرانيين يتذكرون كيف أن مغامرة ومؤامرة صدام حسين ضد الكويت، هي التي استدرجت هذه الويلات كلها وتلك الكوارث جميعها التي تعيشها الآن هذه المنطقة. لقد قبلت مملكة البحرين العربية إيضاحات منوشهر متقي لكن ما رسخه مقال حسين شريعتمداري، الذي يعتبر من أقرب المقربين من السيد علي خامنئي، من شكوك ومخاوف في نفوس العرب كلهم لم يتبدد وهذا يجب أن يُقال للإيرانيين هذا إن هم رغبوا في أن تكون العلاقات العربية مع بلدهم مبنية على المكاشفة والمصارحة وعلى أساس الحرص المشترك والمصالح المشتركة وعلى حسن الجوار وعدم تدخل أي طرف في الشؤون الداخلية للطرف الآخر. يجب وضع حدٍّ فعلي وجدي لكل تطلعات تصدير الثورة الإيرانية إلى الدول المجاورة، وبخاصة دول الشاطىء الغربي للخليج، الذي نسميه نحن الخليج العربي الذي يصر الإيرانيون على أنه فارسي والذي يقتضي الأمر في ضوء واقع الحال أن يتم الاتفاق على تسمية مشتركة له، فتصدير الثورات بات من الماضي والعالم لم يعد يقبل بأن يتطلع كلُّ من نَمَتْ عضلات يديه وصدره الى خارج حدود بلده. ربما أن الأشقاء البحرينيين، بحكم طيبتهم وأخلاقهم الرفيعة، قبلوا على المستوى الرسمي بإيضاحات وتبريرات منوشهر متقي، لكن ما يجب أن يدركه الإيرانيون أنه لا لزوم لبعض سياساتهم الاستفزازية في هذه المنطقة المتوترة أصلاً والقلقة فعلاً فهم ينتظرون استحقاقاً صعباً قد يصبح عليهم دفعه في أي لحظة وهذا يعني أنه لا ضرورة ولا لزوم لهذه السياسات المـُستفزِّة، وأن الأجدى والأفضل ألا تكون هناك أي مناوشات جانبية وأن تكسب طهران ثقة أبناء هذه المنطقة كلهم ومن دون استثناء. كاتب وسياسي أردني
مقالات
العرب وإيران!!
18-07-2007