لماذا الاجتماعات مفتوحة؟!
إن ترك وزراء الخارجية اجتماعاتهم مفتوحة... بلا أبواب ولا أقفال يعني أنهم غسلوا أيديهم مما يجري في لبنان وأنهم لن يفعلوا شيئاً، ويجب أن يعرف العرب كلهم وليس وزراء الخارجية فقط أنه إذا سقط لبنان أمام هذه المؤامرة التي تستهدفه، ليس في برلمانه وحكومته ورئيس جمهوريته وجيشه فقط، إنما في كيانه فإن الدائرة ستدور على غيره.
ما كان على وزراء الخارجية العرب أن يقعوا في هذا الخطأ الفادح الذي وقعوا فيه عندما قرروا أن تكون اجتماعاتهم «مفتوحة» إلى أن تحلَّ العقدة اللبنانية التي هي ذَنَب ضبٍّ، والتي مثلها مثل جهنم التي عندما يُقال لها «هلْ امتلأت تقول هل من مزيد» فـ«الدبكة» على ما يبدو لاتزال في بداياتها والأوضاع ماضية من سيِّئ إلى أسوأ طالما أن هناك أيدياً «تعبث» في الخفاء وطالما أنه إذا كثر الطباخون «تشيط» الطبخة. هناك لعبة دول وهناك لعبة أمم وكان على «الرفيق» الأمين العام، الذي يحاول أن يثبت أن عزيمته من صُوَّان كصُوان جبل صنين الذي تغنت فيروز العظيمة بـ«حَجَلِهِ» أجمل غناء، أن يدرك أن زيارته إلى بيروت لن تكون كزيارات أمير الشعراء أحمد شوقي إلى جارة الوادي «وادي البقاع» زحلة، أم الشراب الذي كلما زدته ماءً يزداد بياضاً، حيث الشعر والغناء والطرب والجميلات اللواتي يشبهن المُهَر البرية الشاردة. لماذا ترك وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم مفتوحة؟!في بدايات اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية دعا سليمان فرنجية الجد وليس الحفيد، وكان يومها رئيساً للجمهورية، اللبنانيين إلى النوم وأبوابهم مفتوحة ثقة منه بنفسه وبأنه سيجعل عهده عهد أمن وأمانٍ واستقرار وكانت النتيجة أن هذه الحرب، التي اندلعت في زمنه وبينما لم يخرج من قصر بعبدا بعد، قد خلَّعت كل الأبواب ودخلت كل البيوت وعصرت لبنان عصراً ونثرت اللبنانيين في أربع رياح الأرض... وهكذا فإن أمير زغرتا وقائد المردة يكون قد برَّ بوعده! لماذا بقيت اجتماعات وزراء الخارجية العرب مفتوحة؟ هل ليتابعوا الإنجازات العظيمة التي تحققت على أيديهم بالنسبة لإطفاء نيران الفتنة في لبنان؟ هل من أجل أن يتحركوا في اللحظة المناسبة، لا المتقدمة ولا المتأخرة، كي يحركوا الأساطيل والجيوش للضرب بأيدٍ من حديد على اليد المعروفة التي تلعب في هذا البلد الصغير الجميل كل هذا اللعب والذي أوصلته إلى ما وصل إليه؟! عندما لم يستطع الأمين العام، حفظه الله، المشهور بصراحته والمعروف بجرأته ونزعته القتالية أن يضمّن تقريره ولو مجرد إشارة لسبب العلَّة اللبنانية الحقيقي وعندما لم يستطع وزراء الخارجية أن يصارحوا اللبنانيين والعرب بحقيقة ما يجري وما قد يجري وعندما يصدرون البيان الذي أصدروه والذي أقل ما يمكن أن يقال فيه هو أنه بلا لون ولا طعم ولا رائحة... فلماذا إذن هذا القرار العرمرمي الذي ترك الاجتماعات مفتوحة؟! لماذا يترك وزراء الخارجية العرب اجتماعاتهم مفتوحة؟ أليس عندهم أشغال أخرى؟ أليس لهم أولاد يريدون وقتهم الإضافي الزائد؟!هناك مثل بدويٌ يقول: «إن من يُكبِّر حجره لا يضرب»، وحقيقة إن ترك وزراء الخارجية اجتماعاتهم مفتوحة... بلا أبواب ولا أقفال يعني أنهم غسلوا أيديهم مما يجري في لبنان وأنهم لن يفعلوا شيئاً وأن الأفضل أن يدفنوا هذه الاجتماعات فـ«إكرام الميت دفْنه» ولا حول ولا قوة إلا بالله. يجب أن يعرف العرب كلهم وليس وزراء الخارجية فقط أنه إذا سقط لبنان أمام هذه المؤامرة التي تستهدفه، ليس في برلمانه وحكومته ورئيس جمهوريته وجيشه فقط، إنما في كيانه فإن الدائرة ستدور على غيره، فهناك دول مرشحة لما يجري في هذا البلد وفي العراق وفي غزة... وأيضاً... وأيضاً لما بدأ يتعرض إليه اليمن.* كاتب وسياسي أردني