يبدو أن إدارة بوش تسير ببطء نحو الاستنتاج الذي توصل إليه معظم العالم منذ فترة طويلة: سجن خليج غوانتانامو للمشتبه بتورطهم في الإرهاب أضحى كارثة ويجب إغلاقه. لقد حثت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس السيد بوش على نقل سجناء غونتانامو إلى الولايات المتحدة، وإذا لم يتحرك، فإن السجن سيُغلق بالتأكيد من قبل الكونغرس أو من سيخلفه. بإمكان الرئيس، إذا تحرك الآن، أن يخفف من وصمة غوانتانامو التي سترتبط بتراثه. والأكثر أهمية، أنه سيتمكن من المساعدة في خلق أساس ثابت لاحتجاز واستجواب الأجانب المشتبه بتورطهم في الإرهاب في المستقبل.

Ad

إغلاق غوانتانامو سيحرم خصوم الولايات المتحدة، ابتداءً من أسامه بن لادن إلى هوغو شافيز، من رمز فعال يستخدمونه لتلطيخ سمعة أميركا وتبرير مساوئهم. ولكنه لن يحل المشكلات التي تسبب بها قرار إدارة بوش بتنحية «معاهدة جنيف» جانباً واحتجاز مئات السجناء لأجل غير محدد ومن دون تهمة. كما أنه لن يعالج الحاجة المستمرة لاحتجاز واستجواب عدد قليل من الأجانب المشتبه بتورطهم في الإرهاب ممن أُسروا بعيداً عن ساحات القتال التقليدية، ولا يمكن اتهامهم وفقاً للقانون الجنائي الأميركي، ولكن يمكن أن يشكلوا تهديداً قاتلاً لهذه البلاد. محاولة الإدارة خلق أساس قانوني للاحتجاز والمحاكمة في غوانتانامو، الذي وافق عليه الكونغرس على نحو متسرع العام الماضي، لن تؤدي سوى إلى تعميق الأزمة- كما أظهرت ذلك الأحكام القضائية الأخيرة التي أوقفت المحاكمات الأولية من قبل هيئات عسكرية قبل أن تبدأ.

إغلاق غوانتانامو ببساطة ونقل سجنائه إلى بلدانهم أو إلى سجون في الولايات المتحدة، كما تنص مشروعات قوانين عدة معلقة في الكونغرس، سيخلق ورطة قانونية أخرى. فالمحتجَزون سيستردون غالبا حق المثول أمام محكمة مما يسمح لهم بالاعتراض أمام المحاكم على احتجازهم. وبينما نؤمن بأن من حق السجناء أن يمتلكوا ذلك الحق، فإن النتيجة ستكون سنوات من الدعاوى القضائية ضد الهيئات العسكرية والنظام القضائي اللذين خلقتهما الإدارة لتقرير ما إذا كان السجناء «مقاتلين أعداء» يخضعون للاحتجاز من دون تهمة. هذان النظامان القانونيان كلاهما، بحاجة إلى تحسينات كبيرة، وسيكون من الأفضل لو طُبقت التغييرات عاجلاً وشُرّعت بواسطة العملية الديموقراطية بدلا من أن يفرضها القضاة الفدراليون.

لذلك من المهم أن يرافق إغلاق غوانتانامو تشريع يخلق أساساً سليماً وثابتاً لاحتجاز واستجواب ومحاكمة السجناء الأجانب. وبرغم الفشل في العام الماضي، ما زال السيد بوش يمتلك فرصة التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس. وهو يستطيع ويجب عليه أن يقدم الكثير: إغلاق غوانتانامو وإجراء تحسينات كبيرة في الهيئات والمحاكم. وينبغي بشكل خاص أن يُمنح المشتبه فيهم الذين يُحتجزون من دون محاكمة كأعداء مقاتلين خارجين عن القانون، حقوقا قانونية أكبر. كما يجب أن يكون لديهم محامون، ويُسمح لهم باستدعاء شهود، أو أن يعترضوا على الأدلة. ويتعين أن تُنظر قضاياهم من قبل قضاة مؤهلين تكون أحكامهم قابلة للاستئناف، وأن تُجرى مراجعات لتلك القضايا بشكل متكرر. وبعيدا عن فكرة تعذر التطبيق: فإسرائيل، وبريطانيا حتى وقت قريب، استخدمتا بشكل ناجح أنظمة إدارية مشابهة لاحتجاز الإرهابيين المشتبه فيهم.

في المقابل، يمكن للسيد بوش أن يطلب تخويلاً من الكونغرس لاحتجاز عدد محدود من الأجانب في الولايات المتحدة من دون تهمة، ومحاكمة بعض المشتبه فيهم- كالقادة الكبار للقاعدة- وفقا لقواعد المحكامات الجنائية والعسكرية التي تبتعد عن نطاق المحاكم التقليدية. وبإمكانه أن يؤسس نظاماً قانونياً للحرب على الإرهاب يمكن ان يخدم رؤساء المستقبل. أما إذا فشل في التحرك، فسيظل يُذكر بأنه الرئيس الذي ارتكب الخطأ الفظيع، وهو غوانتانامو، وأضاع فرصته لإصلاحه.