أحمد يوسف حمدالله عضو مجلس شورى الجهاد : وثيقة سيد إمام تسونامي في فكر الجهاد الأجيال القادمة ستتأثر بالمراجعات... وأطالب بن لادن والظواهري بقراءتها بتأنٍ
يعد أحمد يوسف حمدالله واحداً من أهم قيادات تنظيم «الجهاد» المحظور في مصر فهو عضو مجلس شورى التنظيم وأمير فرعه في محافظة بني سويف، وفي هذا الحوار، الذي تبدأ به «الجريدة» سلسلة من اللقاءات مع قادة «الجهاد» لاستكشاف ردود أفعالهم على وثيقة «ترشيد العمل الجهادي»، يصف الكتاب، الذي وضعه الأمير السابق للتنظيم سيد إمام الشريف بأنه «تسونامي يضرب جماعة الجهاد».ويكشف حمد الله، الذي لم يخرج من السجن إلا منذ ثلاثة أشهر فقط، أن الكتاب لم يصدر إلا بعد حوارات موسعة شارك فيها كل السجناء من أعضاء التنظيم.
وفيما يلي نص الحوار...• بمَ تحب ان نبدأ الحديث؟- التحقت بالجامعة عام 1977 والجامعة هي التي ساعدتني في تكوين رؤية محددة، وكان الجو العام داخل الجامعات مفعماً بالنشاط، وبدأ ظهور العلمانية آنذاك كتيار الى جانب تيارات أخرى إسلامية كانت موجودة، وكان الطلاب يتحركون بحرية وكان هناك تشجيع لهذه التيارات وكان الإخوان يسيطرون على كل شيء كتيار ديني قوي في الجامعة آنذاك، وكانوا يتزعمون كل التيارات بما فيها تيارنا، وتحديداً من عام 1976 إلى 1979، وبدأوا يسيطرون على كل الأنشطة الطلابية وخصوصا التيارات الدينية منهم في جميع جامعات مصر، وكان على رأس هؤلاء الإخوان في جامعة القاهرة عصام العريان، وعبدالمنعم أبوالفتوح وحلمي الجزار وكان في الصعيد محيي عيسى وأبوالعلا ماضي.ولم تكن العلاقة بين الجماعة والإخوان واضحة، حتى تغير الواقع وطالب الإخوان بالبيعة للمرشد العام ممثلاً في شخص الأخ المسؤول عن جماعته في كل كلية أو جامعة، ومن هنا بدأ قطاع الصعيد يستقل به الشيخ كرم زهدي والشيخ ناجح إبراهيم، وبدأ قطاع بحري يستقل به التيار السلفي، وفي الدلتا وتوابعها كان ينافس الإخوان السلفيين وكان التيار الجهادي مجرد خلايا سرية، لم تظهر إلا بعد الاندماج بين الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد.كنت وقتها في بني سويف حيث كان هناك فرع لجامعة القاهرة في بني سويف، ونحن كنا «إخوان» وكان قائدنا في ذلك الوقت رجل اسمه محمد سعد زغلول وكان أغلبنا لا يعرف بأمر الجماعة أو التنظيم، وكان عمره يفوقنا بأربع سنوات وهو خريج كلية التجارة جامعة القاهرة، وكان ينتمي الى عائلة ثرية فتحمل على عاتقه أعباء تكوين خليته، وكان والده يعمل في السعودية ويحمل جنسيتها لكنه بعد أحداث 1981، فر هارباً إلى السعودية ومكث هناك فترة كبيرة، وهنا بدأت خلية بني سويف الجهادية وهي تتبع خلية أكبر منها في المعادي وتابعة لمهندس اسمه طارق زكي، وهو مهندس إلكترونيات وألقي القبض عليه في أحداث 1981.• ألم تكونوا تابعين لأي مجموعة من المجموعات الشهيرة لتنظيم الجهاد؟- من الناحية التنظيمية لم نكن نعلم شيئاً عن باقي المجموعات ولم نكن نعرف سوى محمد سعد زغلول، وعرف عندما انكشف التنظيم وكان عددنا في المجموعة لا يقل عن مئة.• ما معلوماتك عن الدكتور سيد إمام في ذلك الوقت؟- بعيداً عن الناحية التنظيمية والفقهية سأحدثك عنه من الناحية الشخصية... كان الشيخ عندما يجلس على الكرسي حتى في منزله يطلب من أحد أفراد أسرته أن يربطه في الكرسي ويترك فقط يديه للحركة على المنضدة وبجواره عليها «عدة القهوة» لكي لا يقوم من مكانه ويقول لمن ربطه تعالى بعد سبع أو عشر ساعات لأنه كان يحصل في العلم، حيث كان مكلفاً بدراسة الطب في كليته وكان متفوقاً فيها هذا بخلاف العلوم الشرعية التي كان بارعاً في تحصيلها أيضاً وأظن أن الدكتور سيد إمام لو تلقى العلم الشرعي على يد علماء لما كان أحد من العلماء الحاليين يمكن أن يباريه.وهو كان المرجع الشرعي بالنسبة الينا جميعاً. • وكيف تأصل لديكم فقه العنف وقت النشأة؟- وقت النشأة لم أكن فرداً مؤثراً حيث كنت أبلغ سبعة عشر عاماً ورغم وجود فكر العنف في الذاكرة، ورغم التدريبات العسكرية التي كانت تمارسها المجموعة في ذلك الوقت، إلا أنه كانت هناك تعليمات مشددة بعدم التحرك مطلقاً أو ممارسة أي فعل إلا بعد صدور أوامر عليا بذلك.• وأين كنتم تتدربون على السلاح في ذلك الوقت؟- كنا نتدرب على السلاح في صحراء المعادي وأنا لم ادخل التدريب على السلاح مع المجموعة، وكنت في الجانب الدعوي لجذب أعضاء جدد في التنظيم ودعوتهم الى فكرة معينة وهي شبيهة جداً بالدعوة الوهابية في الجزيرة العربية، وهي فكرة عقائدية حملها فيما بعد الشيخ سيد قطب كفكرة تنظيرية تكونت بسببها التنظيمات في الستينيات، وهذا كان بمنزلة تجديد أو امتداد لهذه الفكرة ولأنني كنت صغيراً في ذلك الوقت، لذا لم أكن قريباً بدرجة كبيرة من القيادات وكان منهم مع الشيخ سيد إمام الشيوخ محمد سعد ومحمد عبدالعزيز أبوطالب ومحمد الأسيوطي وهم كانوا في العشرينيات وقتها وكانت لقاءاتنا في المساجد ولم يكن هناك أي اهتمام حتى بنشاطنا، فالعلاقة بيننا تعتمد على «افعل ما شئت داخل المسجد بدون أي مشاكل» ولم يكن يتعرض لنا الأمن إلا عند حدوث المشاكل.• هل التقيت محمد عبدالسلام فرج؟ ومتى؟- التقيته أول مرة في عام 1981، بعد أن وجدت الجماعة الإسلامية والجهاد وجاء إلينا في بني سويف لتوحيد المجموعات هو وأخ سلفي من شبرا اسمه السديسي والمقدم محمد إسماعيل من الإسكندرية وكان عبدالسلام فرج يريد جمع الناس من جميع التيارات إلا جماعة الإخوان وذلك لأن الإخوان كان لهم تنظيمهم ويرفضون الانفصال عنه وكل الحلقات التي وجدت في ذلك الوقت جمعها محمد عبدالسلام فرج في مكان واحد وهو الشيخ فوزي عويس أمين الشهير بالحاج نبيل، وبالمناسبة أنا متزوج ابنته، وحضر الاجتماع مجموعة كبيرة من القيادات عنده وكان عضواً في التنظيم وكان على رأس الحضور الدكتور عمر عبدالرحمن، ومحمد عبدالسلام فرج، والشيخ كرم زهدي والدكتور ناجح إبراهيم، ومحمد إسماعيل، وهذا كان في بداية عام 1981 وشهد هذا الاجتماع أيضاً قادة من الجماعات السلفية في ذلك الوقت وكان عبدالسلام فرج قد اتفق معهم على الوحدة وهو ماجاءوا من أجله، ولكن القيادات السلفية في ذلك الوقت طلبت فتوى من أحد كبار علماء الإسلام بجواز الخروج على الحاكم ووضعوا هذا الأمر كشرط للانضمام الى التنظيم الجديد الذي يدعو إليه قيادات الاجتماع واشترطوا فتوى من علماء بالخارج مثل العلامة بن باز أو الألباني، وبالفعل سافر محمد سعد زغلول قائد مجموعة بني سويف للألباني شخصياً وسأله عن الفتوى في الخروج عن الحكم، فطلب الشيخ الألباني منه أن يأتي بقائد كل فصيل لمناقشتهم وإعطائهم الفتوى، ورجع محمد سعد من هناك ولكن كان القرار قد تم اتخاذه وحدث ما حدث في سبتمبر وانسحبت المجموعات السلفية وأتت أحداث التحفظ وكنت أنا ضمن المتحفظ عليهم وأثناء هذا التحفظ طلبت أسماء الأعضاء ولاسيما قيادات التنظيم مثل كرم زهدي وناجح إبراهيم ومحمد عبدالسلام وأتى خالد الإسلامبولي وجاءت فرصة مشاركته في العرض وعرض خطة لضرب السادات على محمد عبدالسلام فرج ووافق عليها ثم عرضوا الأمر على عبود الزمر فرفضه ثم وافق في النهاية ثم وضعوا خطة طوارئ لقتل السادات في العرض العسكري ومن ثم بعد مقتله الاستيلاء على مديرية أمن أسيوط والاستيلاء على مبنى الإذاعة والتلفزيون في نفس التوقيت، وفشلت المحاولة ثم محاولة تفجير الجنازة والتي فشلت أيضاً بعد أن غيرت الجنازة مسيرتها.• ألا ترى أنكم وقعتم علي هذه المبادرة والمراجعات تحت إغراء الخروج من المعتقلات؟- يا أخي الكريم أنا أتحدث إليك الآن وأقول لك ليس هناك إكراه ونحن الإسلاميين نتحرك بالعقيدة والذي ظل مدة خمسة وعشرين عاماً في السجن ليس عنده مشكلة أن يعيش باقي عمره ولا يخسر نفسه، ثم ان هذا الكلام تردد مع الجماعة الإسلامية فأين هو الآن؟ وهناك من خرج قبلي بخمس سنوات أو أكثر وكان الكثير متخوفا منهم وقالوا إنه «تكتيك» وخلافه والكل كان يشك فيهم بدءاً من الأمن والصحافيين ورجل الشارع والجميع, ولكن ما المدة المطلوبة لكي يحكم على هؤلاء بأنهم رجعوا عن أفكارهم والذي حدث هو أن هناك قناعات شخصية أصبحت متأصلة لدى هؤلاء بالتغيير الفكري فالبشر قابل للتغيير، ولكن كلام الله والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي لا يتغير وأنا عندما أقول انني كنت أملك طريقا وأخطأت الاختيار ثم رجعت عن هذا الطريق وأعلنت توبتي فكيف أرجع مرة ثانية الى نفس الطريق الخطأ أعتقد أنه غير ممكن.• ما تأثير هذه المراجعات على الشباب؟- هذه المراجعات شبيهة بما حدث في «تسونامي» من مد بحري مصحوب بزلزال ضخم قلب الدنيا رأسا على عقب وإن لم يؤثر في الناس الموجودة حالياً فلاشك أنه سيؤثر بأعلى النسب في الأجيال الجديدة وإذا كنا قد فقدنا الأمل في استفادة من أخذ موقف استباقي من هذه المراجعات فأملنا أن تكون مخرجا لطفل رضيع ليفكر فيها وينطلق الى عالم جديد.• وماذا تقول لـ«أسامة بن لادن»؟- أقول له علمنا عنك الانصاف فأرجو أن تقرأ الوثيقة بانصاف وأرجو أن يتجرأ أسامة بن لادن والظواهري بالنظر إلى كلام الشيخ سيد وما قاله في أهل السنة، حيث قال «يستدلون ثم يعتقدون» وأهل البدع يعتقدون ثم يستدلون بمعنى أن أهل السنة ينظرون في الدليل ثم يعملون وعلى عكسهم أهل البدع فهم يعملون ثم يستدلون.