الدكتور عمران محمد ظاهرة كويتية فريدة من نوعها، إذ تتمتع شخصيته بقدرات هائلة وطاقة مفعمة بالنشاط وروح التحدي، وهو رجل لا يكل ولا يمل، يصر على قناعاته ومستعد لمواجهة العالم وقوى الأمن وجموع المعترضين عليه في طريقة التعبير عن رأيه واختيار الزمان والمكان بنفسه.

Ad

وقد يختلف الكثيرون مع عمران في أسلوب عمله كناشط سياسي أو متفرغ في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وفي طريقة قيامه بالتعبير عن الرأي والأدوات التي يستخدمها في الإعلان عن مواقفه كاللوحات والصور والسلاسل أحياناً، فطرق عرض الرجل للقضايا التي يؤمن بها والرسالة التي يحاول إيصالها إلى الرأي العام غير مألوفة بالتأكيد في واقعنا الكويتي، خصوصا التظاهر الفردي أمام سفارة الولايات المتحدة استنصاراً لضحايا غزة أو الهتاف وحيداً على مدرجات مجلس الأمة ضد جرائم الصهاينة في لبنان أو ربط نفسه بالسلاسل في شارع الصحافة تضامناً مع قضايا حقوق الإنسان ونصرة البدون، وقد يصل ببعضهم ممن لا يعرف هذا النوع الغريب من التظاهر ضرباً من الجنون، ولكن يبقى الأمر في النهاية صورة من صور التعبير عن الرأي في إطار الحرية الشخصية.

ولمن لا يعرف حقيقة الدكتور عمران عن قرب نقول إن الرجل يتمتع بشخصية مهذبة وخلق رفيع وصاحب حس إنساني مرهف يسعد بمساعدة الآخرين، كما أنه رجل متدين يحفظ القرآن الكريم والحديث الشريف، ومكنه ذكاؤه ومثابرته من الحصول على درجة الدكتوراه من بريطانيا وعملاً باحثاً بمعهد الكويت للأبحاث العلمية لسنوات طويلة.

ولهذا فإن التعامل الفج الذي يمارس بحق الرجل لا يليق بجهاز أمني كبير بحجم وزارة الداخلية في مواجهة إنسان وحيد فريد! بل لا يجوز انتهاك حرمة هذا الإنسان بزجه تارة خلف القضبان والاستهزاء بكرامته والانتقاص من شخصيته أمام الملأ وتارة أخرى إيداعه في مستشفى الطب النفسي وتعريضه لأذى الجلسات الكهربائية وإرغامه على تناول الأدوية والحبوب المخدرة كرهاً، فمثل هذه الإجراءات قد عفى عليها الزمان في عهود الدكتاتوريات الشيوعية وحكومات الطغيان العسكري في العالم الثالث.

نعم قد لا نتفق مع الدكتور عمران في تعاطيه مع الأحداث أو طريقة تعبيره عن رأيه ولكن يبقى أن نعترف بأنها وسيلة سلمية، لا يحظرها قانون ولا تعرض حياة الآخرين لأي أذى أو خطر، ولا تهدد أركان النظام العام، اللهم إلا إذا كانت صيحات مزعجة على مسامع بعضهم من قبيل «الموت لأميركا والموت لإسرائيل» تهدد أمننا الوطني!!

ولا نعتبر الدفاع عن شخص عمران تأييداً لفكره ومنهجه، فلطالما انتقدته مخلصاً كأخ وصديق كغيري من محبيه ولكن من دون جدوى، ولكن يبقى أبا محمد عزيزا على قلوبنا ورب أسرة كريمة يعز علينا التخلي عنه في هذه الظروف التي يظلم فيها من دون رحمة ولا نصير، بعدما كان صوتاً شجاعاً للمظلومين والمضطهدين.

ومثلما قلنا إلى بعض القيادات الأمنية وعلى رأسهم وزراء الداخلية السابقون بشأن الدكتور عمران نكرره اليوم على أسماع الأخ الفاضل وزير الداخلية والفريق الرجيب بأن حل مشكلة هذا الإنسان لا يكون بهذا الأسلوب الاستفزازي، بل بالإفراج عنه فوراً والكف عن ملاحقته مستقبلاً، لأنه ببساطة يقف لوحده يعبر عن رأيه لفترة من الزمن يعود بعدها إلى أهله دونما ضرر ولا ضرار!