Ad

أتمنى لو يُسن قانون شديد العقوبات على مَن يتجرأ على لمز الناس في أصولهم وأعراقهم ومذاهبهم رغبة في التقليل من شأنهم أو الحط من كرامتهم، وذلك في وسائل التعبير كلها. أتمناه قانوناً مشابهاً لقوانين مكافحة العنصرية المتبعة في كثير من الدول والتي تجرم من يلمز أحداً بلونه أو عرقه أو جنسه.

• استوقفني بعض الأعزاء والمتابعين ممن قاموا بالتعليق على مقالي السابق في موقع «الجريدة» على الإنترنت، عند جزئية جاءت فيه، حيث قمت بتصنيف من شاركوا في تثوير الحملة التأجيجية حول موضوع تأبين مغنية في خمسة أصناف، أربعة فاسدة كل على طريقته، وخامسة قلت إنها أرادت الحق وأخطأت الطريق. عتب الأحبة في محله، فالتصنيف قد يوحي لمن لم يتعمق في المقصود بأنه (كأن البلد معدومة من الشرفاء والغيارى) كما علق أحد الأفاضل، وهذا ما لا يمكن أن أقول به في حق بلدي وأهله. لم أكن لأنكر أن هناك من تناولوا الأمر من منطلقات وطنية وبنبرة مخلصة صادقة، لكن هؤلاء ليسوا من ضمن التصنيف الذي قصدته، فهؤلاء لم يشاركوا في تأجيج المسألة، بل كانوا هم الأصوات التي نادت بالاستماع إلى صوت العقل والاتزان، وهم النور الذي كان في وسط ظلام الأزمة.

• الزميل العزيز وابن العم نامي حراب (جريدة الشعب)، أكرمني أخيراً بكتابة مقالة طويلة جعلني مادتها الأساسية. أشكره على مقدمته الكريمة وأسأل الله أن أكون بقدر ما جاء فيها من إحسان ظن. نامي يقول إني وقعت في فخ إحسان الظن في معالجتي لموضوع مغنية، وأني لولائي الفكري والعاطفي تجاه عدنان عبد الصمد لم أنظر للموضوع بحيادية ولم أره كخرق لجدار الوحدة الوطنية، وأني شككت بعلاقة مغنية بحادثة الجابرية، وأنه في المحصلة قد جانبني الصواب. المقال طويل وجميل وبه الكثير من الانتقادات لي، وهو موجود على الإنترنت لمن أراد قراءته، وسوف أضع صورة منه على موقعي الخاص في أقرب فرصة.

• رداً على هذا المقال أقول وباختصار: أولا، لا أظن الزميل نامي يحاول أن يشاكسني بطريقة ما بقوله إني أوالي السيد عدنان فكرياً وعاطفياً، ولكنني سأقول إني أفتخر أن أوالي كل من أؤمن بأنه رجل مخلص وطني شريف طالب للحق في مواقفه، ولو كان من أقصى الاتجاهات الفكرية، وما همني مذهبه ولا توجهه، وسجل مقالاتي يشهد بأني وقفت مع الإسلاميين (سلفاً وإخواناً) ووقفت مع الشيعة ووقفت مع الليبراليين، بل مع مَن هم على غير الإسلام، وكان العامل المشترك أني كنت أدور مع ما أؤمن بأنه الحق، وكذلك ما كان يعجزني التراجع عن موقف اتضح لي خطؤه فخير الخطاءين التوابون، كما قال المصطفى عليه الصلاة والسلام. والسيد عدنان عبد الصمد رجل لم أعهد منه إلا كل خير عبر مواقفه البرلمانية والشعبية لسنوات طويلة، فإن جاءت هذه الحادثة اليوم فقد كفاني الإسلام بأن علمني أن أحمل المسلمين على حسن الظن، وإن عجزت عن إيجاد العذر لهم فأقول لعلهم لا يعلمون. أما ما يثيره بعضهم من شبهات حوله فيكفي أن الرجل نائب في البرلمان، وهو دليل قاطع على نظافة صحيفته أمام القانون والدولة وأمام آلاف الأصوات التي أعطته أصواتها. رجل وصل إلى البرلمان عبر صناديق الاقتراع النظيفة، ولم يصله بأصوات مشتراة ببضعة دنانير كحال بعض النواب الذين خرجوا من أوكارهم اليوم ليتصايحوا على الوطنية. نعم عدنان ومَن معه أخطأوا في تأبين مغنية، ولا مشكلة عندي في أن نجعل هذا الخطأ في حجم الفاحشة السياسية وأبعد من ذلك إن أردتم، ولكن ليس لأحد الحق للطعن في وطنية وانتماء أي كويتي كان، وليس لأحد أن يتهم الناس بالخيانة ويحاكمهم ويطالب بسحب جنسياتهم من على صفحات الجرائد. لهذه الأمور مسلك معروف وهو القانون، وأنا وإن كنت أرى هذا القانون معيباً لرفضي فكرة سحب الجنسية من أي إنسان فالجنسية تعني الانتماء لوطن ومن ذا الذي يملك أن يلغي انتماءات الناس لأوطانهم، فإني لا أملك إلا الالتزام بالقانون الذي لا سبيل له إلا عبر القضاء. ثانياً، أنا لم أشكك بعلاقة مغنية بحادثة «الجابرية»، بل قلت إن علاقته بهذه الحادثة مستقرة في نفوسنا نحن الكويتيين بالرغم من أن كل الأدلة عليها أدلة إعلامية لا تثبت ولا يُعتد بها عند الاختصام القانوني، لذلك لمت الحكومة لأنها تعاملت بضعف مع هذا الملف وتركته عائماً طوال هذه السنوات. على أي حال، الموضوع اليوم في طريقه إلى القضاء، ولا شك عندي في نزاهته وسيأخذ كل ذي حق حقه.

• كم أتمنى لو يُسن قانون شديد العقوبات على مَن يتجرأ على لمز الناس في أصولهم وأعراقهم ومذاهبهم رغبة في التقليل من شأنهم أو الحط من كرامتهم، وذلك في وسائل التعبير كلها. أتمناه قانوناً مشابهاً لقوانين مكافحة العنصرية المتبعة في كثير من الدول والتي تجرم من يلمز أحداً بلونه أو عرقه أو جنسه.

****

• أشكر جميع القراء المتفاعلين مع مقالاتي عبر موقع «الجريدة» على الإنترنت. قراءتكم لمقالاتي فضل كبير أشكركم عليه جزيلاً، وهو دافعي الأول للاستمرار في الكتابة، وتجشمكم عناء التعليق وسام على صدري.