مشكلة التأمين الصحي للوافدين

نشر في 10-04-2008
آخر تحديث 10-04-2008 | 00:00
 د. عبدالمالك خلف التميمي

إن القضية ليست بفرض التأمين الصحي، ولكن في المبلغ المقرر للتأمين، فماذا يعني مادام الوافد يدفع للفحص والعلاج والدواء؟ إنه يشكل عبئاً ثقيلاً على ذوي الدخول الضعيفة، فإما التأمين أو الدفع مقابل الخدمات الصحية، ولكن ليس من المعقول الجمع بينهما.

إن وجود التأمين الصحي للمواطنين والوافدين ظاهرة إيجابية حضارية في المجتمعات المتقدمة، فهو يؤمن ويوفر للناس علاجاً مناسباً كما يؤمن للدولة دخلاً،أما في الدول النامية فإن مفهوم التأمين غامض وضبابي. لقد تقرر التأمين الصحي على الوافدين في الكويت منذ عدة سنوات وهو إلزامي لمنح الإقامة ولا خلاف على مبرراته وضرورته، بيد أن المشكلة التي نحن بصدد طرحها هي في فهم وتطبيق ذلك القرار. لقد تقرر أن يدفع الوافد ولكل فرد في أسرته مبلغ 56 ديناراً كويتياً تأميناً صحياً في السنة يتحملها الوافد ما عدا خدم المنازل فيتحملها الكفيل أو صاحب المنـزل، المهم أن أغلبية الوافدين يتحملون ذلك التأمين وبطبيعة الحال ليست مشكلة بالنسبة لأصحاب الدخل المرتفع نسبياً لكنها مشكلة حقيقية لذوي الدخول المتوسطة والبسيطة، وعلى افتراض أن متوسط عدد أفراد الأسرة خمسة أفراد فإنه يدفع سنوياً مبلغ 274 ديناراً للتأمين الصحي عن أسرته. المشكلة ليست بهذا المبلغ لكن الوافد لا يحصل على علاج ودواء مقابل المبلغ الذي يدفعه، حيث يتحمل تكاليف المراجعة في المستوصف أو المستشفى وتكاليف الأشعة والتحاليل والمنظار والعمليات وغيرها إضافة إلى شراء الأدوية سواء من صيدلية المستوصف أو المستشفى أو من خارجها، وإذا كان التأمين الصحي لا يغطي كل ذلك فلماذا يدفع قيمة التأمين السنوية؟!

إن الوافد يتحمل دفع إيجار السكن والتأمين الصحي والمدارس الخاصة، وعدد كبير من الوافدين يدفعون مبالغ كبيرة لتجار الإقامات، فماذا يتبقى لأصحاب الدخول المحدودة منهم ليوفروا الضروريات لعائلاتهم. إذا كان التأمين الصحي ضرورة وله مبرراته وبهذا المبلغ الذي ذكرناه فيجب أن يغطي كل مصاريف العلاج للمريض وأسرته من دون أن يتحمل تكاليف إضافية.

إن الدولة التي تستقدم هذا العدد الكبير من الوافدين وهي بحاجتهم كأيدٍ عاملة وإمكانات فنية وعلمية تتحمل جزءاً من مصروفاتهم، وإن معظم هؤلاء الوافدين عمالة هامشية وعاطلة لا تحتاجهم الدولة وبذلك تتحمل الدولة مسؤولية وجودهم كما يجب أن يتحملوا دفع تلك التكاليف. لكن السؤال يبقى حائراً إذا كان الأمركذلك، أي لا حاجة لدولتنا إلى معظم الوافدين فلماذا تم استقدامهم ليشكلوا عبئاً عليها وعلى الخدمات؟! لسنا هنا بصدد مناقشة هذا السؤال والإجابة عنه لأن موضوعنا عن التأمين الصحي للوافدين. ولكن دعونا نطرح بعض الآراء الافتراضية حول التأمين الصحي على الوافدين.

أولاً: إن الزيادة الكبيرة في عدد الوافدين التي لا تحتاجها البلاد لها آثارها السلبية، وإن مثل تلك الإجراءات هدفها الضغط على بعضهم لترك البلاد إلى أماكن أخرى.

ثانياً: إن البلاد ليس فيها قانون للضرائب مفروض على الجميع مقابل الخدمات التي تقدمها الدولة لذلك يكون التأمين الصحي وغيره البديل الذي تستفيد منه الدولة.

ثالثاً: إن وجود الوافدين في بلداننا التي تشكو قلة عدد السكان ضرورة كقوة شرائية ولتوفير اليد العاملة الرخيصة في بلد يعتمد أساساً على الخدمات ويتمتع بثروة كبيرة فإن ما يدفع على التأمين الصحي أو غيره هو حقٌّ للدولة التي يعمل أولئك فيها.

رابعاً: إن كل دول العالم المتقدم ومعظم الدول النامية فيها قانون للتأمين الصحي إجباري، فلماذا يتذمر بعضهم من تلك الإجراءات؟

إن القضية ليست بفرض التأمين الصحي، ولكن في المبلغ المقرر للتأمين، فماذا يعني مادام الوافد يدفع للفحص والعلاج والدواء؟ إنه يشكل عبئاً ثقيلاً على ذوي الدخول الضعيفة، فإما التأمين أو الدفع مقابل الخدمات الصحية، ولكن ليس من المعقول الجمع بينهما.

back to top