Ad

إن 55 في المئة من مجموع الشعب اللبناني باتوا يعتقدون أن إسرائيل ذاهبة إلى الزوال، وهي المقولة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة أمة، أي ثقافة أن إسرائيل محكومة بالزوال، وأنها أعجز وأوهن من أن تشن أي حرب جديدة على لبنان أو غير لبنان بعد تجربة عدوان يوليو القاسية، وكل ذلك بفضل دماء الشهداء وصبر الناس على الأذى!

العراق المتفجر من جنوبه إلى شماله ولبنان المتحير بانتظار القمة العربية في دمشق لا يعطيان صورة جميلة عن الوطن العربي الذي نريد ولا عن العالم الإسلامي المحيط!

ومع ذلك ثمة ما يدفع إلى الأمل والتأمل فيما نسمعه من «قاع» هذه الأمة من محاولات جادة تجري على قدم وساق، وفي أكثر من قطر عربي وإسلامي على طريق إعادة اللحمة إلى هذا الجسم الجريح، ووصل ما انقطع منه لاسيما في هذه الأيام الجميلة من أعياد المسلمين والمسيحيين.

فقبل أيام فقط غنى المسيحيون، وللمرة الأولى بتاريخ لبنان والمقاومة، جنبا إلى جنب مع أشقائهم المسلمين، أوبريت «الضوء المشذى» لفرقة «رسالات» والتي تقول من جملة ما تقول: ثوروا ثوروا تحت لواء السيد... هذا نشيد محمد هذا نشيد علي هذي بشائر عيسى....!

هذا في الوقت الذي نشر فيه استطلاع للرأي في بيروت يفيد أن نحو 90 في المئة من الطائفة السنية الكريمة تعتقد بضرورة العمل على إسقاط النظام الصهيوني فيما رأى 77 في المئة من المسيحيين ذلك و66 في المئة من الدروز و94 في المئة من الشيعة أي ما معدله 85 في المئة من مجموع اللبنانيين!

هذا من جهة إرادة القتال والمقاومة والوعي لدى شعب لايزال يعاني قسوة عدوان يوليو وآثاره السلبية وجراحه التي لم تندمل بعد!

وأما من جهة اعتقاده أن إسرائيل هذه ذاهبة إلى الزوال فإن 55 في المئة من مجموع الشعب اللبناني باتوا يعتقدون بذلك، أي أنهم يتوقعون حصوله كما تؤكد استطلاعات الرأي المذكورة!

إنها المقولة التي باتت جزءاً لا يتجزأ من ثقافة أمة، أي ثقافة أن إسرائيل محكومة بالزوال، وأنها أعجز وأوهن من أن تشن أي حرب جديدة على لبنان أو غير لبنان بعد تجربة عدوان يوليو القاسية، وكل ذلك بفضل دماء الشهداء وصبر الناس على الأذى!

أيا تكن صحة توقعات هذا الجمهور، إلا أن القدر المتيقن مما هو بين أيدينا هو أن ثقافة المقاومة باتت ثقافة عابرة للطوائف والمذاهب والحدود الجغرافية وليست منحصرة بفئة من دون أخرى من اللبنانيين البتة!

وهنا يستحضرني القول المأثور: «بقية السيف أنمى ولدا وأكثر عددا»!

وكذلك يستحضرني قول آخر له علاقة بالحرب النفسية ضد العدو، إذ يقول فيه أحد الأولياء ردا على سؤال: كيف كنت تنتصر على عدوك في الحروب بالقول: كنت دائما أنا ونفسه عليه!

وهو ما أشار إليه وتوسع في شرحه سيد المقاومة أخيراً وهو يفصل في ما سماه بمعركة الوعي، وعي القدرة على الكفاح وإرادة المقاومة الحازمة ووعي مدى حالة الذل والهوان التي وصلت إليها قوات العدو المنهزمة داخليا.

الآن ونحن نقترب من زمن الخراب الثالث، كما بات يعتقد الكثيرون من أبناء الأمة، أي خراب دويلة الكيان الغاصب وزوالها الحتمي على يد أبطال المقاومة من أمة العرب والمسلمين، بعد الخراب الأول الذي جرى على أيدي نبوخذ نصر والخراب الثاني الذي جرى على أيدي الرومان لابأس أن ننهي مقالتنا ببعض أبيات من القصيدة التاريخية المعبرة عن هذه المرحلة بالفعل، والتي يكشف عنها للمرة الأولى قبل أيام فقط الشاعر السعودي الكبير عبدالمحسن حليت مسلم، بعد أن كان قد نظمها وأهداها لسيد المقاومة بعد انتصار يوليو المجيد مباشرة، حيث يقول فيها من جملة ما يقول:

كل الفتاوى إذا أفتيت تندثر

وكل أرض إذا قاتلت تنتصر

ففي عمامتك السوداء عزتنا

وفيك كل رجال الأرض تختصر

يا سيد الأرز قل للأرز ما فعلت

بنادق أطعمتها الروم والتتر

وفي جنونك عقل نستنير به

فكلنا معك مجنون ومنتحر

نعم عشقناك خبأناك في دمنا

لأنك الطيش والأهوال والخطر

فأنت في شارع التأريخ منعطف

وأنت مبتدأ التأريخ والخبر

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني