تمكنت فرقة "انانا"  من مواصلة إيقاعها السريع لأكثر من ساعة. على مشاهد متنوعة من مسيرة السندباد السوري غائصاً في الكتب القديمة ثم خارجاً من الكتب ليصبح راوية وشاهدا. في الصين يشهد عملية اكتشاف الحرير من قبل أميرة صينية تربطها علاقة حب بأمير هندي، وفي طريقه إلى بلاد فارس يفاجأ بحرب الفرس والبيزنطيين للسيطرة على طريق الحرير، وعندما يرتاح قليلا يستخرج من الكتب حكاية خطف أمير طروادة باريس للأميرة الإغريقية هيلينا. ثم إلى المغرب العربي ومنه إلى الأندلس مع طارق بن زياد، ويستذكر طقساً مسرحياً يروي حكاية فرعونية مع أهل مصر، ويدخل السندباد بلاد الشام في لحظة انتصار سيف الدولة الحمداني، وأخيراً الخليج العربي.

Ad

وسط لوحات تعبيرية راقصة مزجت الإيماء وحركات الجمباز والرقص (الدبكة والباليه) في الأسلوبين العربي والغربي وتناغم في المشهدية البصرية زياً وحركة وألواناً وإضاءة مع المؤثرات السمعية من موسيقى وغناء، قدمت الفرقة كريوغرافيا ناجحة على الصعيدين الوظيفي والدلالي. عرض رائع بلغة الجسد التعبيرية وفق خط درامي يحوّل النص الحواري إلى صورة وحركة وإيحاء ولون ورؤية فنية متكاملة.

 عند مشاهدتنا أعمال "إنانا" نتذكر فرقة " كركلا" العريقة، وقد نعقد مقارنة بينهما، لذا كان لزاماً علينا أن نستوضح مدير الفرقة ومخرج العرض جهاد مفلح، الذي يقول: "عملت مع فرقة كركلا اللبنانية وشاركت معها في عدة أعمال منها "أليسار" و"الأندلس والمجد الضائع" و"بليلة قمر"، وقد منحني قائد الفرقة عبدالحليم كركلا شهادة في الرقص المسرحي والتعبيري الحديث. من الطبيعي أن تتشابه الفرقتان في ما تقدمانه من تراث، ففرقة كركلا عربية ونحن أيضاً. نلتقي في التاريخ والحضارة لأننا من بلاد الشام. لكننا بعد سنوات من التجارب أصبحت لنا هويتنا في العمل المسرحي الراقص. ما يميزنا هو ادخالنا القضايا التي يعانيها الشارع العربي. أسقطنا الموروث الشعبي والتاريخ على واقعنا المعاش. تلمسنا الوجع العربي و بالتالي نختلف عن فرقة كركلا التي تقدم الموروث والتاريخ فحسب".

سمحت الفرقة لتلفزيون الكويت بتصوير عرض "السندباد". يوضح المخرج مفلح: "وافقنا فوراً على تصوير العرض لمصلحة التلفزيون الكويتي. أملك حقوق هذا العرض بينما كانت حقوق العرض السابق "جوليا دومنا" في مهرجان القرين الثقافي للتلفزيون العربي السوري لذلك لم نوافق تصويره". وحول عدد المشاركين في عرض الكويت يقول: "قلصنا العدد إلى الثلث ليصير ملائماً لمسرح الدسمة الذي لا يستوعب أكثر من هذا العدد. ثم انتقلنا الى مسرح المتحف الوطني بسبب تعطل التكييف في الدسمة ونال العرض استحساناً كبيراً. أدركنا ذلك من التصفيق المتواصل لمدة طويلة ووقوف الجمهور تحية للفرقة في نهاية العرض".

من ناحيته أشار مدير العلاقات العامة في الفرقة معتز أفغاني، إلى التدريب المتواصل لأعضاء"إنانا": "كان عدد أعضاء الفرقة عند التأسيس قليلاً، ثم ارتفع ووصل اليوم إلى مئة. تواصل الفرقة تدريباتها بين 5 و 6 ساعات يومياً، فهي فرقة محترفة تقدم عروضها محلياً وخارجياً، ودائمة الاستعداد لتقديم عروضها في أي وقت. يبذل مدير الفرقة جهاد مفلح أضاف جهوداً كبيرة في التدريبات و تصميم الكوريغرافيا والإخراج". أضاف أفغاني: "قطعنا شوطاً كبيراً وعرضنا في بلاد أجنبية مثل الصين وأوكرانيا والهند وتركيا، ونسعى في محاولات جادة إلى الإنتشار عالمياً، فالفرقة تملك ما يؤهلها لذلك من خبرات وأعضاء مؤهلين ومدير محترف".