الطريق إلى البرلمان مُعبَّد بأصوات النساء... لا البدون!

نشر في 29-04-2008
آخر تحديث 29-04-2008 | 00:00
 د. ساجد العبدلي

لا يستطيع مرشح، من ذكر أو أنثى، أن يصل إلى البرلمان من دون أن يخطب ود النساء، ليحوز على رضاهن، فينعمن عليه بالتصويت، ومن دون الصوت النسائي، لن يجد المرشح عضوية البرلمان ولن يشم ريحها! ونصيحتي للإخوة البدون، ألا يشتروا شيئاً من هذه الخطب الوهمية، لأنها بضاعة فاسدة، اللهم إلا إذا كانوا واثقين من صدق المرشح، وقليل في هذا الشأن هم الصادقون!

أستطيع أن أفهم بلا عناء لماذا تحول مَن كانوا يعارضون حقوق المرأة السياسية بالأمس إلى مستجْدين لأصوات النساء اليوم، وكيف أن المرأة التي كان دخولها عالم السياسة، سيشيع الفساد ويهلك الحرث والنسل ويجف الضرع ويحرق الزرع، قد صارت اليوم شقيقة للرجل، ورفيقة دربه في السراء والضراء على طريق السياسة!

أستطيع أن أفهم ذلك بسهولة، فالطريق إلى البرلمان قد أضحى اليوم مُعبَّداً ومدهوناً، بل ومعجوناً بأصوات النساء الناعمة، بعدما كان ولسنين طويلة مسفلتاً فقط بأصوات الرجال الخشنة! لا يستطيع مرشح، من ذكر أو أنثى، أن يصل البرلمان من دون أن يخطب ود النساء، ليحوز على رضاهن، فينعمنّ عليه بالتصويت، ومن دون الصوت النسائي، لن يجد المرشح عضوية البرلمان ولن يشم ريحها!

هذا واضح ومفهوم... لكن ما لا أستطيع أن أدركه أبداً، السبب الذي يجعل بعض المرشحين، يصرون على تعبئة ندواتهم بالحديث عن نصرة فئة البدون والعمل على حل قضيتهم، بل والذود عن حياضهم، خصوصا أني واثق بأن خطبهم العصماء هذه أبعد ما تكون عن الحقيقة، حيث رأيت بأم عيني وأبيها كيف أن بعض نواب الأمس، ممن أقسموا بأغلظ الأيمان يوم أن كانوا في الموقف نفسه، وأعني الفترة الانتخابية، على بذل الغالي والنفيس، والتضحية بالغالي والرخيص لأجل البدون، أقول كيف أنهم لم يقدموا بعدها شيئاً للقضية غير الشعارات الرنانة والتصريحات الطنانة! وقد كنت كذلك أحد أفراد الفريق الاستشاري التابع للجنة البدون البرلمانية في مجلس الأمة السابق لفترة من الزمن، وقد شهدت كيف أن بعض النواب أعضاء هذه اللجنة لم يكلفوا خاطرهم حضور أي جلسة من جلساتها، وكيف أن بعضهم الآخر كان يمر عليها مرور الكرام ولسان حاله يقول (أنا هنا)، حتى شككت أن هؤلاء النواب كانوا يتقاضون عن الانضمام إليها، ولو بمجرد الاسم، مكافأة مالية!

البدون لا صوت لهم، تماماً مثلما أن لا مواطنة، ولا هوية، ولا تعليم، ولا صحة، ولا عمل لهم، لذلك فلماذا يغازلهم بعض المرشحين؟! سأفترض أن بعض هؤلاء من الصادقين فعلاً، لكن ما سر البقية؟!

هل تراهم يغازلون البدون في تلك المناطق التي يكثر فيها أقرباؤهم من الكويتيين والكويتيات، ومن يخطب ود البدون قد يفوز (بصوت) قريبه؟! ربما.

هل تراهم يغازلون البدون ليكسبوا بعضهم عاملين ومتطوعين في حملاتهم الانتخابية؟ أيضا ربما!

هل تراهم يغازلون البدون، من باب أنه قد تحصل المعجزة ويحصل قطاع منهم على الجنسية، فيصبحون من حملة (الأصوات) القابلة للصب في صناديق الاقتراع؟ ثقيلة شيئاً ما، ولكن أيضاً ربما!

بكل صراحة، لا أشك بأن كثيراً من هؤلاء المرشحين «المدندنين» على وتر قضية البدون هذه الأيام، هم في الحقيقة بعيدون كل البعد عن الصدح بأصواتهم لنصرتها يوم يجد الجد، وأنهم سرعان ما سيقلبون للبدون ظهر المجن ويتخلون عنهم عند أول منعطف! لذلك فنصيحتي للإخوة البدون، ألا يشتروا شيئاً من هذه الخطب الوهمية، لأنها بضاعة فاسدة، اللهم إلا إذا كانوا واثقين من صدق المرشح، وقليل في هذا الشأن هم الصادقون!

على كل حال، سأبقى أردد وأقول إن حل قضية البدون يبدأ من البدون أنفسهم، وينتهي عندهم. ترك القضية في يد (الكويتيين)، حتى من أولئك أصحاب النوايا الطيبة، لن يدفع بها إلى الحل في الغالب. على البدون أن يتحركوا الآن، والآن متأخر أصلاً، وإلا فلن ينتظرهم سوى المزيد من التعقيدات والألم والحسرات!

back to top