التفسير العنصري للتاريخ... أطروحات د.عبدالرحمن العوضي نموذجاً 2
يبدو أن د.العوضي لا يؤمن بالدستور، كما أنه يجزم بأن الدستور لا يصلح للكويت، إذ ذكر أن «الدستور وُضع في الستينيات بعقلية معينة لكويت معينة بمواطنين معينين». وهذا شأنه وتفسيره العنصري الذي ينظر إلى الكويت من خلاله على أنها شركة مقفلة
ذكرنا في المقال السابق أن الموضوع بالأساس هو توزيع الثروة أي المصالح الاقتصادية الخاصة وليس موضوع «بدو وحضر»، لأنه لا أساس علمياً لهذا التقسيم في الكويت، وقد استخدم د.العوضي التفسير العنصري لحاجة في نفسه، ويا ليته قالها مباشرة من دون «حكاية بدو وحضر»، هذه الأسطوانة المشروخة التي سئمنا سماعها وتجاوزها الزمان والمكان!كما أكدنا، ولا زلنا نؤكد، أن أساس الانتماء والمواطنة هو الدستور بغض النظر عن الأصل أو الفصل أو القبيلة أو الطائفة أو الفئة. وسنواصل في هذا المقال تفنيد ما ذكره د. العوضي في مقابلته مع جريدة «القبس» بتاريخ 11/11/2007، كالتالي: 1 - حتى لو افترضا جدلاً أن المجتمع الكويتي لم يتكون، في أغلبه، من هجرات قدمت من الدول الكبرى المجاورة، كما بينا في المقال السابق، فإن ما ذكره د.العوضي من أن «هذه المجموعة لتتثقف أخذت 25 سنة من الستينيات حتى منتصف الثمانينيات، بدأت هذه الفئة بالظهور فدرسوا وتخصصوا وبدؤوا شيئاً فشيئاً....»، يعتبر قولا يحمل بطلانه بذاته أو «مأخوذ خيره»، فمدة خمس وعشرين عاماً تعتبر مدة أكثر من كافية ليصبح من يسميهم «البدو» «حضراً»، إلا إذا كان لدى د.العوضي عدد محدد من السنوات يتجاوز الخمسة والعشرين عاماً كي «يمنح» صكوك غفرانه ويعتبر الشخص «حضرياً». ثم ماذا عن الوضع الآن، وهم في الجيل الخامس ونحن نحتفل بالذكرى الخامسة والأربعين للدستور، ألم يصبحوا «حضراً» بعد؟!! وإذا كان الجواب بالنفي، فكم من السنوات يحتاجون؟! إننا لو استخدمنا موضوع الأصول من المنطلق العنصري نفسه الذي يستخدمه د.العوضي «كان علوم»، ولكننا بذلك نخرج عن مفهوم المواطنة الدستورية ونكون شركاء له في محاولة خلخلة النسيج الاجتماعي المتماسك للمجتمع الكويتي. فالعنصرية لا تجابه بعنصرية مضادة وإلا فعلى وطننا السلام.2 - من المعروف أن قانون الجنسية صدر في عام 1959، ومع ذلك يعيب د.العوضي التجنيس الذي حصل في الستينيات ويعتبره «أكبر خطر حدث في الكويت»!! فمتى وكيف يريد أن يتم التجنيس؟ هل قبل صدور قانون الجنسية؟!! وهل من رأيه أن تجنيس السبعينيات مثلاً «تمام التمام»؟ ولماذا!؟ مع أن الدولة الحديثة بدأت في الازدهار منذ الستينيات، أي بعد صدور الدستور، وبعد الاعتراف العربي والدولي. وكان توسع الدولة في التجنيس في تلك الفترة شيئاً طبيعياً، خصوصاً بعيد الاستقلال وبعد تهديدات عبد الكريم قاسم للكويت الفتية. وهنا، من المهم أن نشير إلى أن التجنيس فى تلك الفترة لم يقتصر على أبناء القبائل فقط أو من هم من أصول عربية، بل شمل أيضا من هم من أصول فارسية. وإذا ما عرفنا أن المد القومي العربي كان هو المكتسح للشارع العربي في تلك الفترة، فلنا أن نستنتج بعض أسباب التجنيس ومصادره واتجاهاته.3 - يبدو أن د.العوضي لا يؤمن بالدستور، كما أنه يجزم بأن الدستور لا يصلح للكويت، إذ ذكر أن «الدستور وُضع في الستينيات بعقلية معينة لكويت معينة بمواطنين معينين». وهذا شأنه وتفسيره العنصري الذي ينظر إلى الكويت من خلاله على أنها شركة مقفلة (وهنا بيت القصيد!!)، ولكن، ولحسن الحظ، فإن ما ورد في الدستور ومذكرته التفسيرية ومحاضر المجلس التأسيسي يدحض بقوة هذا الكلام، فمؤسسو الكويت الحديثة وفي مقدمهم الشيخ عبداللة السالم طيب الله ثراه وأعضاء المجلس التأسيسي رحم الله الأموات وأطال في أعمار الأحياء منهم، قد وضعوا الأسس الدستورية السليمة للكويت المعاصرة التي حتماً ستتوسع، وتستوعب الكويتيين جميعهم، بتنوع أصولهم، وتكون فيها المواطنة الدستورية والانتماء إلى الوطن فقط، هما الأساس........ وللحديث بقية ،،،