«مَن لا يعمل لا يخطئ»... عبارة من المسلمات لا تقبل الاعتراض، فمَن لا يحرك ساكناً لن يخطئ. إذن فالخطأ مرتبط بالعمل، وهو إما أن يكون خطأً متعمداً مع سبق الإصرار والترصد، وإما أن يكون خطأً غير مقصود بسبب الجهل أو كثرة الأعمال، وإما خطأً بسبب سوء في التخطيط.

Ad

من عيوب التيار الوطني بتنظيماته وأشكاله كافة، هو عدم توثيق الأحداث بشكل عام، وعدم توثيق الأخطاء على وجه الخصوص. قبل فترة قصيرة حضرت أحد اجتماعات الوسط الديموقراطي ووجدت أنهم يناقشون المشاكل نفسها التي كانت تواجهنا عندما كنا نحن قواعد الوسط الديموقراطي، وهو ما جعلني أتساءل عن السبب في تكرار المشاكل نفسها التي مرّت علينا في السابق، وبالتأكيد مرّت على الذين سبقونا.

فمازالت مشكلة التنظيم والالتزام والقراءة الجيدة للساحة هي أبرز المشاكل التي تواجه الأعزاء في الوسط الديموقراطي. وهو أمر لا يُلام عليه أعضاء الوسط حالياً، بل نحن بالتأكيد الجيل السابق للوسط هو مَن يتحمل المسؤولية، وإن لم يقم الجيل الحالي للوسط بتوثيق الأخطاء والسعي لحلّها فسيتحمل الجيل الحالي مشاكل جيل المستقبل، وتستمر الحلقة في الدوران.

ما أقوله عن الوسط الديموقراطي هو الأمر نفسه الذي ينطبق على الحركة الوطنية خارج أسوار الجامعة، فنحن بتنظيماتنا كافة لا نستفيد من دروس الماضي للأسف الشديد، ولعل أكبر دليل على ما أقول هو الوضع في الدائرة الأولى الممتده من شرق إلى مشرف باستثناء الجابرية، فهذه الدائرة التي اعتقدنا، بل وجزم بعضنا، بأنها ستكون معقلاً للطائفة من جهة والقبيلة من جهة أخرى، فهناك من راهن على أن تكون المقاعد مناصفة بين الشيعة وقبيلة العوازم، وآخرون كرروا الكلام نفسه مع أفضلية شيعية، وغيرهم راهن على مقعد للسنة، وغيرها من تحليلات اعتقد بانها لو كانت مدروسة على أساس صحيح لما وصلنا إلى هذه الاحتمالات على الاطلاق.

فبالرجوع للانتخابات الأخيرة فقط سنجد أن الدائرة الثامنة (مشرف- بيان) قدمت النائبين السابقين حسن جوهر وأحمد المليفي، دائرة سلوى قدمت أحمد الشحومي وحسين الحريتي، دائرة الرميثية قدمت عدنان عبدالصمد وجمال الكندري، دائرة الشعب قدمت عبدالواحد العوضي وعبدالله الرومي في حين قدمت دائرة الدسمة صالح عاشور وأحمد لاري.

يتضح لنا مما سبق بأن الدائرة غير مفروزة على الاطلاق، والاحتمالات كلها مفتوحة على مصراعيها، وهذا ما يثبت الخطأ في تقديراتنا.

إن الخوف كل الخوف في حال استمرار المجلس بنظام الدوائر الخمس في السنوات المقبلة، هو أن يُسنّ عرف جديد في الدائرة الأولى يجعلها حقاً دائرة مفروزة لقبيلة وطائفة، وهو أمر لا تحمد عقباه، ونتمنى من القوى الوطنية كلها أن تعد العدة لما بعد 17 مايو، وتبدأ بترتيب قواعدها ومرشحيها دون انتظار.

 

خارج نطاق التغطية:

أقف إجلالا واحتراما وتقديراً للصرح الكبير عبدالله النيباري على سعيه الواضح لوحدة التيار الوطني، فشكراً لك يا «بومحمد» على هذا الدرس التاريخي المهم جداً.