هل سنقول لأطفال غزة إن محرقة غزة ما كان لها أن تقع وتنزع ورقة التوت عنا لو أن المعارضة الوطنية في لبنان ما أصرت على الثلث الضامن وما طالبت بحكومة الشراكة الوطنية التي كانت السبب في انشغال أميننا العام وانهماكه في اجتراح الصيغ الكفيلة بتعطيل صاعق الثلث الضامن باعتباه ثلثاً معطلا للإجماع العربي؟من حق أحرار العالم اليوم أن يتساءلوا ومن جديد إن كان من حق حكام تل أبيب وسيدهم في واشنطن أن يتكلموا ناهيك أن «يتظلموا» بخصوص ما يعرف بالهولوكوست اليهودي أو المحرقة النازية ضد اليهود، بعد محرقة غزة التي ارتكبوها بكل دم بارد وعلى الهواء مباشرة وأمام أعين العالم أجمع وأمام صمت إن لم نقل تشويق وتشجيع وتغطية ما اصطلح على تسميته بالمجتمع الدولي؟!
هل هناك عهر أو فسق وفجور سياسي أفظع وأقبح مما رآه العالم أجمع خلال الأيام القليلة الماضية؟! هل من حق أحدهم بعد اليوم أن يتهجم على خطابات الرئيس أحمدي نجاد المتشددة في عرضها لعدالة القضية الفلسطينية وضرورة دعمها بكل الوسائل الممكنة التي يتحدث فيها في ما يتحدث عن قرب زوال إسرائيل، أو يصف تلك الخطابات بالمتطرفة والمتعصبة ضد اليهود والسامية! أو يعترض على تلميحاته أو تشكيكه بحجم أو أصل المحرقة النازية التي يرفعها قتلة تل أبيب وحماتهم في واشنطن أشبه بـ«قميص عثمان»؟!
أو هل بقي ثمة شجاعة أو ماء وجه لدى من لايزال يراهن على صدقية دعوى السلام مع قتلة الأطفال والنساء ودعاة المحرقة العلنية ضد شعب فلسطين الأعزل إلا من الصبر والإيمان وإرادة الصمود؟!
أو هل بقي ثمة معنى أو قيمة لمصطلحات ومفاهيم التضامن العربي أو الإسلامي، فضلا عن ميثاق الدفاع العربي كما تنص عليه الجامعة العربية مثلاً؟!
أو هل بقي ثمة احترام أو تقدير من قبل العالم أو ما يسمى بالمجتمع الدولي لمنظماتنا العربية والإقليمية التي ننضوي تحت لوائها نحن العرب والمسلمين بعد ردود أفعالنا الفاضحة والمخجلة تجاه محرقة غزة المفتوحة بلا حدود!
هل قررنا أن نشطب من تاريخنا وجغرافيتنا وهويتنا الحضارية القومية والدينية اسم فلسطين حتى وصلنا إلى هذا الدرك من السقوط الأخلاقي؟!
أسئلة كثيرة وكثيرة جداً برسم حكامنا ونخبنا وفصائل ومنظمات وأحزاب المعارضة والموالاة في كل أقطارنا العربية والإسلامية بعد ما شاهدناه من ردود فعل أقل ما يقال عنها أنها مخزية بحق ما ننتمي إليه كما بحق من ننتمي إليه من مرجعيات ما انفك الجميع ممن ذكر أعلاه يتغنى به وبهم على امتداد عقود من النفاق السياسي وغير السياسي؟!
إن دماء المحرقة الغزاوية الجديدة هي في أعناق العرب والمسلمين هذه المرة أكثر مما هي في أعناق القتلة المباشرين من جنس قتلة الأنبياء من بني إسرائيل!
هكذا سيسجل التاريخ قصة مذبحة الرضع في غزة هاشم، ولن يغفرالتاريخ لأحد مهما علا شأنه أو مقامه بعد أن أشهدته القنوات الفضائية وبالبث المباشر على واجباته المطلوبة منه!
ماذا سنقول لأبنائنا غداً عندما يقرؤون موقفنا المتخاذل تجاه إخواننا في الوطن والدين؟! هل سنقول لهم إننا لم نعرف إلا متاخراً! أم سنقول لهم إننا لم يكن لدينا حول أو قوة؟!
وهل سيرحمنا التاريخ عندئذ وهو يكتب ويدوّن صفقات الأسلحة الخيالية التي وقعناها مع قتلة شعبنا وأهلنا في فلسطين؟ تماماً كما سيكتب كيف أن الأخبار كانت تصلنا حية وعلى الهواء مباشرة! أم سنقول لهم إننا كنا منشغلين في تصفح فضائيات الخلع والـ....؟!
أم سنقول لهم إننا كنا قد أصبحنا مدمنين على رؤية مشاهد القتل والذبح والمحرقة حتى صرنا لا تهتز لنا رقبة ولا يرمش لنا جفن بل طار شرش الحياء وانقطع؟! أم نقول لهم إنا كنا مشغولين بصد الهجوم «الصفوي» الغادر على الجبهة الشرقية! كما جاء في تفسير إحدى الفضائيات العربية وهي تصف وتنقل أنباء زيارة الرئيس أحمدي نجاد إلى العاصمة العراقية بغداد؟!
أم سنقول لهم إن أطفال غزة ونسائها «مغامرون» لم يستشيرونا قبل إعلانهم المعركة على إسرائيل و بالتالي فقد صادروا منا قرار الحرب والسلم؟! أم سنقول لهم إن محرقة غزة ما كان لها أن تقع وتنزع ورقة التوت عنا لو أن المعارضة الوطنية في لبنان ما أصرت على الثلث الضامن وما طالبت بحكومة الشراكة الوطنية التي كانت السبب في انشغال أميننا العام وانهماكه في اجتراح الصيغ الكفيلة بتعطيل صاعق الثلث الضامن باعتباه ثلثاً معطلا للإجماع العربي والتضامن العربي والإسلامي مع مبادرة الصلح والسلام الشرق أوسطية العتيدة!
* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني