أنا وأخوي على ابن عمي...

نشر في 24-03-2008
آخر تحديث 24-03-2008 | 00:00
 إيمان علي البداح

القراءة المتأنية للنقاش حول الانتخابات في منتديات القبائل تكشف أدوات وأجهزة القبائل في التحريض والضغط والتأثير في المرشحين القبليين وبناء تحالفاتهم، فمن المجالس السياسية ومجالس الدوائر إلى أشجار نسب المرشحين وسيرهم الذاتية المبنية على خدماتهم للقبيلة، إلى التحذيرات من إجراءات «الداخلية» ومراقبتها للمنتديات و«المسجات».

القانون واضح فيما يخص الانتخابات الفرعية والعقوبات المترتبة على الدعوة لها والمشاركة فيها، كما أن تصريحات وزير الداخلية فيما يخص متابعة ومداهمة تلك الانتخابات علنية وقوية وواضحة للعيان، ومع ذلك تستمر التحضيرات والدعوات للانتخابات الفرعية على مرأى ومسمع الجميع. فكيف؟ ولماذا؟

العجيب في الموضوع هو اتفاق القبائل على استخدام مصطلح «تشاور» بدل انتخابات أو تصفيات للتحايل على القانون، واستخدام التكنولوجيا المتطورة للوصول إلى نفس الغرض البدائي وهو سيادة القبيلة وضمان خدمات مميزة لأبنائها من دون أبناء الوطن الأكبر الكويت.

فبالإضافة إلى الفضائيات والرسائل القصيرة على النقال فقد سخرت الكثير من القبائل صفحاتها على الإنترنت لتجميع المرشحين والضغط والتحضير للانتخابات الفرعية. لا بل إن أحد المواقع يدعو إلى تصويت إلكتروني لتصعيب المتابعة والملاحقة القانونية. ومن المواقع المهمة التي نذكرها على سبيل المثال لا الحصر المنتدى السياسي لقبيلة العجمان http://www.alajman.net/ والمجالس السياسية لقبيلة المطير http://www.mutir.com/ ولقبيلة العوازم http://www.alawazm.com/ .

والقراءة المتأنية للنقاش في تلك المنتديات وغيرها تكشف أدوات وأجهزة القبائل في التحريض والضغط والتأثير في المرشحين القبليين وبناء تحالفاتهم، فمن المجالس السياسية ومجالس الدوائر إلى أشجار نسب المرشحين وسيرهم الذاتية المبنية على خدماتهم للقبيلة، إلى التحذيرات من إجراءات الداخلية ومراقبتها للمنتديات و«المسجات»، كما تزخر المنتديات بالتحليلات السياسية وبدعوات «الفزعة» وجمع التبرعات و«الجاهيات» للضغط على من يصر على الترشيح خارج نتائج الانتخابات الفرعية أو «المشاورات»، كما تكثر الشكاوى من «فرعيات داخل الفرعيات»، ومصالح شخصية وتعصب القبيلة ضد أبنائها! والواضح عبر المنتديات الكثيرة تأثير «حدس» (الإخوان المسلمين) وبعض أبناء الأسرة الحاكمة والشخصيات الرسمية. وتتفاوت ردات الأفعال بين رفض وتشجيع هذه التدخلات والتحالفات، ولكن يبدو أن لـ«حدس» نصيب الأسد من التحالفات القبلية بالذات في الدائرتين الرابعة والخامسة.

ولا تخلو تلك المنتديات من أصوات العقل، فبعضهم، وإن كانوا أقلية، يناقشون انتهاء دور القبيلة التقليدي ويدعون إلى الولاء للقبيلة الأم الكويت وفض التحالفات مع الحكومة والقوى التقليدية لما فيه مصلحة الوطن. ولا نجد مقاومة عنيفة لتلك الأفكار ولكنها لا تحظى بالمتابعة والنقاش والتعليقات مثل غيرها من الأفكار والنقاشات.

وأتساءل وأنا أتصفح تلك المواقع: ماذا لو جُيرت كل هذه الطاقات والموارد لخدمة الكويت؟ ولمَ الحاجة إلى القبيلة وممثليها في دولة مدنية لها دستور ومؤسسات ونظم؟ هل السبب فشل الدولة في تأدية دورها وصيانة مؤسساتها؟ أم هو تعصب أعمى نتاج ترسبات تاريخية واجتماعية؟ أم القليل من الاثنين؟

هل تنحصر القبلية بالمجتمعات البدوية؟ أم مازلنا نعاني أشكالها المقنعة في المجتمع «الحضري»؟ كيف ومتى ستنتهي هذه الظاهرة؟ ومن يملك زمام التغيير؟ الأمل كان ولايزال بشباب البدو والحضر، شباب الكويت.

back to top