إذا افترضنا أن الشائعات التي يتم تداولها هذه الأيام حول قرب حل المجلس صحيحة، فإن هناك استحقاقاً تشريعياً آخر يفترض أن تنتبه الىه كل من الحكومة والنواب، والعمل على إنجازه بصورة عاجلة، بالإضافة إلى إنشاء الهيئة المستقلة العليا للانتخابات التي أوضحنا ضرورتها لنجاعة العملية الانتخابية، ويستلزم هذا الاستحقاق المؤسسي إصدار تشريع تفصيلي ينظم عملية الدعاية الانتخابية كي لا تنفلت الأمور من عقالها. فنحن كمواطنين وناخبين نعاني الأمرين من فوضى الاعلانات الانتخابية وتسويق المرشحين لأنفسهم، حتى يكاد ينزل أحدهم من حنفية المياه حين تفتحها لكي تغتسل، بل إنه ولعدم وجود ضوابط تذكر فإن العديد من المرشحين قد يكونون سبباً لحوادث مرور، بسبب حجبهم للرؤية وتكالبهم على وضع اعلاناتهم المزركشة على مداخل الطرق، حاجبين الرؤية بصورة مزعجة، ويبدو ذلك الأمر بصورة مقلقة على مداخل مراكز الاقتراع، حتى استخدم بعضهم الرافعات لوضع صورهم واعلاناتهم، وفي إحدى المرات انفلتت القطعة الحديدية فضربت الأرض محدثة دوياً هائلاً، ولكن الله ستر فلم تحدث إصابات. كما لا يخفى أنه في ظل الدوائر الخمس فإن تكلفة تنفيذ تلك الحملات الانتخابية بجانبها الإعلاني لن تمكن المرشح المتوسط الحال، دع عنك من هو أقل من ذلك، من أن ينافس وسيبقى في الميدان الإعلاني والدعائي فقط أصحاب الإمكانات المادية العالية.وهكذا فإنه بات ضرورياً الاستعجال في إصدار تشريع ينظم الحملة الانتخابية، ويضع ضوابط للدعاية الانتخابية على وجه التحديد، ويفترض في تشريع كهذا أن يتضمن الجهة المنوط بها تلك المسؤولية، وكيفية استخدام وسائل الإعلام الرسمية المرئية والمقروءة للمرشحين كافة بالتساوي، وحظر الانفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام، أو من ميزانية الوزارات والمؤسسات والشركات والهيئات العامة، أو استخدام المؤسسات والمرافق العامة للدعاية الانتخابية، كما يفترض أن ينظم التشريع المذكور الأماكن الخاصة بوضع الاعلانات الانتخابية وعددها وأحجامها، وأن لا تتضمن تلك الإعلانات أي إثارة أو فتنة طائفية أو عنصرية أو تجريح شخص بمرشحين آخرين، إضافة إلى حظر استخدام المساجد والجامعات والمدارس والمرافق العامة لأي دعاية انتخابية، ومن المهم أيضاً أن يتم تنظيم الدعاية الانتخابية في يوم الاقتراع، وبالذات في محيط مراكز الاقتراع، حيث يفترض أن تكون تلك المراكز ومحيطها خالية من أي شكل من أشكال الدعاية الانتخابية، حتى يتسنى للناخبين الدخول والخروج بسهولة ويسر دون مضايقات أو ملاحقات.
لقد بات صدور قانون ينظم الدعاية الانتخابية مطلباً ملحاً، فالوضع الحالي تشوبه الفوضى وعدم الانضباطية، وعدم التكافؤ، فإن كان هذا حالنا والدوائر أصغر على أساس نظام الخمس والعشرين، فكيف سيكون حالنا إذاً عندما ننتقل الى نظام الخمس، مما يؤدي إلى مضاعفة الفوضى وعدم الانضباطية وعدم التكافؤ.
مقالات
حتى لا يقتصر الترشيح على الأغنياء!
09-06-2007