بنات إيران
قرأت خبراً مضحكاً مفاده أن رواية «بنات إيران» لناهيد رشلان حققت نصراً، من خلال أرقام المبيعات، على نظيرتها في الإسم «بنات الرياض» لرجاء الصانع حين نفدت النسخ التي أحضرها الناشر، فيما بيعت من رواية «بنات الرياض» في طبعتها السابعة 250 نسخة فحسب في معرض الرياض الدولي للكتاب هذا العام.
وتتشابه الروايتان في نواح عدة أهمها حضور العنصر النسائي فيها بشكل كبير، إذ اعتمدت الصانع على قصص لأربع فتيات في العاصمة الرياض، أما رشلان فتحدثت عن قصتها وقصة شقيقاتها ووالدتها. وتعيش كلتا الروائيتين حالياً في أميركا، فالأولى طبيبة تكمل دراستها العليا، أما الثانية فهي مهاجرة من إيران إلى أميركا. كتب الكثير عن «بنات الرياض» ولم يُتعامل معها بحجة أنها رواية جيدة بل وثيقة اجتماعية عن مجتمع ما زال محافظاً إلى حد كبير، والكلام عنه يدغدغ الخيال و«الاكزوتيك»، خصوصا اذا كان الحديث عن البنات وسلوكياتهن، ففي ذلك الكثير من لعبة الوهم التي ينتظرها القارئ. أغرقت حمى «بنات الرياض» الناشرين في ورطة البحث عن كاتبات سعوديات وإن بأسماء مستعارة، كذلك أصابت الحمى مجموعة من الكتاب والكاتبات في السعودية اذ عرفوا من أين تؤكل الكتف، فأصدر بعضهم او بعضهن روايات أقل ما يقال عنها أنها رديئة، لكن المفارقة أنها «فازت» على روايات بعض الكبار. أما «بنات ايران» فربما لن تحدث ضجة لأنها غير ممنوعة في الأساس وترجمت الى العربية، وهي سيرة ذاتية للروائية ناهيد رشلان تسرد فيها قصة أسرة إيرانية وترفع النقاب عن التعقيدات التي ترافق كل امرأة تترعرع في مجتمع ذكوري. حزن « رشلان» منعها، على مر السنين، من سرد سيرتها الذاتية لتخبر كيف اختلفت حياتها عن حياة «باري» شقيقتها الحميمة. في عمر المراهقة، رفضتا التقيد بالأعراف السائدة وحلمتا بخوض غمار الأدب والمسرح، فكانتا تقرآن سرا كتباً ممنوعة وتمثلان قصصا رومنسية. فجأة انقلبت حياتهما، حين أجبرت «باري» على الزواج من رجل ثري وقاس جعل منها أسيرة منزلها. تفادت «ناهيد» الاقتران بشخص يختاره والداها، فطلبت من والدها متابعة دراستها في أميركا. بعدما اشتهر اسم ناهيد في مجال الأدب في الولايات المتحدة وتحررت من قيود عائلتها، تلاشت أحلام باري… قضى زواجها على آمالها وطموحاتها. وحين تلقت «ناهيد» خبر وفاة باري، عادت إلى إيران، التي أصبحت تحت حكم نظام إسلامي، لتعرف ما حدث مع شقيقتها العزيزة وتواجه ماضيها وتقيّم ما يخبئه المستقبل لمنسحقات القلوب. لا يحكي «بنات إيران» قصة ناهيد فحسب، بل يجمع حياة كل من خالتها ووالدتها وشقيقاتها في رواية تتناول موضوع الحزن والرابط الأخوي والأمل. المفارقة أن معظم الثقافة الإيرانية بات يأتينا من الغرب سواء السينما او الرواية او الشعر، شيء ما في ايران يذكرنا بالاتحاد السوفياتي الذي كان يعمد الى نشر الأفكار الشيوعية بينما يهمل الأعمال الفردية، وايران تعمد راهناً الى ترويج الأفكار الخمينية بينما تطمس الإبداعات الفردية التي ينتجها أقطاب السينما او الشعراء، وعلى هذا أصبحنا نتلقى الإبداع الإيراني من أوروبا ومرجان ساترابي مثل على ذلك، وقبلها السينمائي عباس كيروستامي صاحب «طعم الكرز»، من دون أن ننسى الشاعرة فروغ فرخزاد بالإضافة إلى الفنانات التشيكليات. ان تأتي الثقافة الايرانية من الغرب فهذا له تداعيات ستتفوق يوما على الثقافة الخمينية.