آخر وطن: أعطني حريتي

نشر في 21-03-2008
آخر تحديث 21-03-2008 | 00:00
No Image Caption
 مسفر الدوسري مؤمن أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الحرية والحب، فكما ان الحب هو النافذة التي نرى من خلالها صورتنا الحرة، كذلك فإن الحرية هي الضمانة الحقيقية للحب والدليل عليه، أتذكر مقولة قرأتها مبكرا، ومازالت تملك نفس القدرة على إدهاشي حتى هذه اللحظة، هذه المقولة تقول -في ما معناه- إذا أحببت شيئا أبقه حرا، إذا أتاك فهو لك، وإن لم يفعل فهو لم يكن كذلك قط!

كثير منا يتذكر هذا المقطع من أغنية أم كلثوم «أعطني حريتي... أطلق يديّا» من إبداع الشاعر د. إبراهيم ناجي، ولكن أتدرون ما هو المثير لخيال الأسئلة في هذا المقطع؟! هو أن صرخة العاشق هنا لاسترداد «حريته»، أتت في لحظة أراد فيها أن يقايض حبه في مقابل حريته، بمعنى آخر أراد عاشقنا أن يتنازل عن حبه ثمنا لاسترداد حريته!

والمثير في هذا الموقف أن الحرية أصبحت في مواجهة الحب، خطين متوازيين لا يلتقيان، كيف أصبحا كذلك؟! كيف أصبحا على طرفي نقيض، في الوقت الذي كنا نظن أنهما حلقتان لا انفصام بينهما؟!

أنا أعتقد أن الحرية والحب من أهم احتياجات الإنسان الأساسية، فلو امتلك الحرية على سبيل المثال، فسيظل أحساسه بالحاجة الى الحب حاضرا، بل وملحّا أحيانا، فيبدأ بالبحث عن الحب وعلى استعداد بالتضحية بأي شيء في مقابل «حصوله» على الحب حتى ولو كان هذا الشيء حريته! وعندما يجد الحب، تجده يتنازل عن حريته «باختياره» في سبيل الإبقاء على حبه، حتى هنا والموضوع عادي، حيث إنه وبرغم تنازله عن حريته للطرف الآخر فإنه مازال حرا على الأقل كما يعتقد، وذلك لأنه تنازل عن هذه الحرية، وكما قلنا بحريته كاملة! ولكن ما يحدث عادة أن الطرف الآخر في علاقة الحب ومع مرور الوقت يشعر أن حرية الحبيب أصبحت حقا مكتسبا له، ويبدأ في «تقنين» صرف هذه الحرية له، ظنا منه أن الحرية السائبة تشجع الحبيب على الفرار، متناسيا أن هذا الحبيب أصلا قد أحبه باختياره، ويبدأ يتحول الحب إلى محاولة امتلاك، وفي لحظة ما يشعر الحبيب المملوك بافتقاره الى نعمة الحرية، ولكن هذه المرة ليس بإرادته ولكن اغتصابا من قبل الآخر، وهنا يصحو الإحساس بالعبودية، ومعه الرغبة في التمرد والثورة على قيوده، لأن الحرية احتياج أساسي في حياة البشر كما ذكرنا آنفا، وهنا يبدأ البحث عن الحرية والتضحية بأي شيء في مقابل «الحصول» عليها حتى ولو كان هذا الشيء هو... الحب! ومن ثم يطلق العاشق صرخته... اعطني حريتي أطلق يديّا. وبعد حصوله على حريته، يبدأ بحثه عن الحب... وهكذا، دوران في دائرة مغلقة!

لذا تذكروا جيدا... ابقوا من تحبون أحرارا... ولا يغركم ان هم رموا حبال قيادهم بين أيديكم، ولا تجعلوا ذلك يحفّز في أنفسكم الضعيفة رغبة الامتلاك.

وتذكروا أيضا هذه المقولة «إذا أحببت شيئا فابقه حرا، فإن أتاك فهو لك، وإن لم يفعل، فهو لم يكن كذلك قط».

back to top