Ad

تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد، وتردت أوضاع الرياضة بشكل مخجل وآخرها تعليق عضوية الكويت في «الفيفا»، والخدمات الصحية تسير من سيئ إلى أسوأ، وبلغت مستويات التعليم من الرداءة مستويات متدنية لا جدال فيها، ووصلت حالات الطلاق حداً لا يمكن السكوت عنه، وتصاعد الفساد السياسي، ووصل التلوث البيئي إلى درجات مخيفة، ورغم ذلك كله فهناك من لا يزال يعتقد بعدم كفاية الأدلة على رداءة الأوضاع العامة، أم انه لا داعي لذلك لأننا في سنة «عدم كفاية الأدلة»!

كان العرب قديماً يطلقون على السنوات أسماء مختلفة حسب أبرز الأحداث السياسية والاجتماعية التي تمر خلال السنة، ففي الكويت مثلا هنالك سنة «الهدامة»، وسنة «الطاعون»، وسنة «السبلة»، وسنة «الجراد»... وغيرها، وفي بعض البلدان العربية هناك أسماء ظريفة تطلق على بعض السنوات؛ كسنة الفيل، وسنة الجمل، وسنة زواج الملك، وسنة طلاق الملكة.

لذا وبعد أن قررت لجنة التحقيق في محكمة الوزراء حفظ قضية سرقات الناقلات ضد وزير النفط الأسبق الشيخ علي الخليفة التي دام التحقيق فيها سنوات طويلة، وذلك لعدم كفاية الأدلة، وبما أن عملية «عدم كفاية الأدلة» قد تفسر بعضا مما نحن فيه، فإنه يحق لنا أن نطلق على هذه السنة «سنة عدم كفاية الأدلة».

فرغم الأدلة الكثيرة على عمق الأزمة السياسية التي تمر فيها البلاد، والتي عبرت عنها الأطراف السياسية جميعها، وتجلى أحد أبرز مظاهرها خلال جلسة افتتاح دور الانعقاد الثالث لمجلس الأمة. كما أتت المقابلة الأخيرة لرئيس مجلس الأمة لقناة العربية، التي أشارت إليها الصحف الصادرة يوم السبت الماضي، وما أعقبها من ردود لسمو رئيس مجلس الوزراء في اليوم التالي، لتضيف دليلاً آخر. ورغم كل ذلك، فإن بعضهم لا يزال يعتقد بعدم كفاية الأدلة على الأزمة السياسية!

وفي الشأن الرياضي، فعلى الرغم من الدليل الصارخ على رداءة الوضع الرياضي الذي تمثل في تراجع مركز الكويت بشكل مخجل في المنافسات الرياضية الإقليمية والدولية، ورغم ما عكسه تعليق عضوية الكويت في الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من دليل فاضح، فإن هناك من لم يزل يعتقد بعدم كفاية الأدلة على تدني مستوى الرياضة!

وفي الخدمات الصحية، فإنه رغم استجواب وزيري صحة (د.الجارالله والشيخ أحمد العبدالله) واستقالة وزيرة الصحة السابقة، التي قدم بشأنها استجواب أثناء تقديمها استقالتها، وذلك بشكل متتال وخلال فترة زمنية قصيرة، مما يشكل أدلة دامغة على سوء الخدمات الصحية، فإن هنالك من لايزال يرى عدم كفاية الأدلة على رداءة جودة الخدمات الصحية!

وفي ما يتعلق بالأزمة المستمرة في التعليم العام والعالي، التي تتوافر الكثير من الأدلة المحلية والعالمية عليها، والتي يكفي عُشرها لمعرفة أزمة التعليم وحاجته الفورية الى الإصلاح الجذري، لكن هناك من يعتقد بعدم كفاية الأدلة على هذه الأزمة!

أما عن رداءة الخدمات العامة التي تقدمها بعض الأجهزة الحكومية والحاجة الماسة الى إصلاح الجهاز الادارى للدولة، فإن الأدلة أكثر مما تحصى، ورغم ذلك، فهناك من لم يزل يعتقد بعدم كفاية الأدلة!

من جانب آخر، فقد وصل التلوث البيئي الى درجات مخيفة، ولم تحرك الجهات المعنية ساكناً لمكافحته، ورغم ذلك، فهناك أيضا من لا يزال يعتقد بعدم كفاية الأدلة على التلوث البيئي!

كما أن حالات الطلاق بلغت، حسب الأرقام الصادرة عن وزارة العدل، حداً لا يمكن السكوت عنه، مما سيخلق مشاكل اجتماعية وأسرية وتربوية كثيرة، كما انتشرت المخدرات بشكل مخيف في أوساط الشباب بحسب الإحصاءات الرسمية أيضاً، ورغم ذلك فهنالك من لايزال يجادل بعدم كفاية الأدلة!

وأيضا تراجعت الكويت إلى المركز الـ60 في تقرير مؤشرات مدركات الفساد لعام 2007 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، بعدما كانت تحتل المركز الـ46 العام الماضي، حيث يمثل الفساد السياسي أبرز المؤشرات، ورغم ذلك فبعضهم لا يزال يعتقد بعدم كفاية الأدلة!

ماذا بعد؟ المزيد من الأدلة على رداءة الأوضاع العامة؟ أم لا داعي لذلك لأننا في سنة «عدم كفاية الأدلة»؟!