إنها نجمة منذ أبصرت النور.تسبقها الأضواء وتحاصرها الشهرة وتترقبها العيون وتنجذب إليها المشاعر حتى عندما كانت طفلة صغيرة. سرقت الاهتمام، أممت مشاعر الإعجاب بموهبتها «الصاروخية» الممزوجة بخفة ظلها وشقاوتها وجرأتها. وظل فنها جزءاً من إنسانيتها، أصبح من الصعب الفصل بينهما. أدركت أنها مهما كانت عبقرية في موهبتها لن تحقق شيئاً ما لم تكن على المستوى نفسه في إنسانيتها. كانت كوكب الشرق أم كلثوم أول من أطلق إشارة الانتباه إلى موهبة شيري وأول من صفق لها وتنبأ بأن هذه الفتاة الصغيرة ستكون يوما ما نجمة كبيرة. تقول شريهان: «كان عمري آنذاك 5 سنوات عندما حضرت حفلة زفاف شقيقي عمر خورشيد وعزفت الفرقة الموسيقية لحن «انت عمري» للموسيقار محمد عبد الوهاب فرقصت على الموسيقى، ثم فوجئت بالمدعوين يحملونني ويضعونني على الطاولة التي تجلس عليها أم كلثوم، كانت تضحك من قلبها وهي تصفق لي بحماسة وحرارة ثم حضنتني وقبلتني وقالت لأمي: «البنت دي «لهلوبة» عندها أذن موسيقية وستصبح فنانة كبيرة».
في ذكرى ميلاد عمر خورشيد سافرت شيري مع والدتها إلى بيروت، حيث أقيم احتفال كبير له. شارك فيه العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. بجرأة غير مسبوقة تقدمت شريهان إلى المسرح ووقفت إلى جوار عبد الحليم وهو يغني وبدأت تقلده وتغني معه بأسلوب أدهش الجمهور، فما كان من عبد الحليم إلا أن خلع السلسلة التي يرتديها وعلقها في رقبة شيري وكانت عبارة عن خرزة زرقاء على شكل عين، ثم أعطاها صورة له كتب عليها إهداء لا تنساه شريهان: «إذا أصبحت في يوم من الأيام نجمة ستكونين حاجة كبيرة اوي».
يعتبر هشام سليم من أقرب الأصدقاء إلى شريهان. سألته عنها فقال لي: «أسوأ ميزة في شريهان أنها تثق في أصدقائها أكثر من اللازم، وأحلى عيوبها قدرتها على نسيان الإساءة مهما كانت فضاحتها ومهما كان الشخص الذي تسبب بها، أجمل ما فيها حزنها الذي أذابته في فنها».
وقال المستشار مرتضى منصور عنها: «شريهان كتلة تناقضات، في داخلها فقر وثراء، كرم وبخل، غرور وتواضع، ذكاء وتذاكي. أهم ميزة فيها الوفاء لأهلها، مع الفقراء كأنهم أغنى الأغنياء ومع الأثرياء كأنهم أفقر الفقراء. إنها مأساة تسير على قدمين، إنها «العائلة» نفسها الأب، الأم، الأخ والصديق».
روى لي مرتضى حلماً لم يتحقق في حياتها عندما سعت إلى إنشاء مسرح «شريهان – شو» واشترت فعلاً مسرحاً إلا أن المشاكل التي وقعت بين المالك والمستأجر ضيّعت الحلم والمسرح.
في اللحظة نفسها التي صفق فيها الجمهور فرحاً لفوز شريهان بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان الإسكندرية السينمائي عن دورها في فيلم «العشق والدم» للمخرج أشرف فهمي، اغرورقت عيونهم بالدموع وهم يسمعون السطور القليلة التي أرسلتها لتبرر بها اعتذارها عن عدم الحضور واستلام الجائزة.
قالت في الرسالة: «إنني أمرّ بأزمة صحية تمنعني من الحضور».
بدأ الهمس في الكواليس عن «سر» عدم حضور شريهان.
في اللحظة نفسها كانت هناك كواليس أخرى تعيشها النجمة التي اكتشفت أنها على موعد دائم مع الحزن.. والعذاب. على موعد مع أخطر جراحة ممكن أن يمر بها إنسان وأقساها ندرة، جراحة تزرع فيها خمسة أعضاء جديدة في الجانب الأيمن من وجهها بعد استئصال ورم خبيث هدّد حياتها.
جراحة تعيد فيها زرع شرايين وأوردة وأنسجة وعضلات وقناة لعابية اصطناعية وبعض أجزاء بديلة من عظام الرأس!
بذل على مدى سبع عشرة ساعة كاملة فريق من الجراحين العالميين (بريطانيا، كندا، فرنسا وأميركا برئاسة البروفسور مينار) جهده لإنقاذ حياة شريهان. بعد الإنتهاء من العملية نقلت إلى غرفة العناية الفائقة وانتقلت معها الدعوات والصلوات.
شكل الوقت الذي تلى العملية «أصعب» مرحلة في الجراحة لأنه يحمل الإجابة عن سؤال خطير: هل استجاب جسد شيري إلى الأعضاء المزروعة؟
صلّت القلوب وتحولت تحولت شريهان إلى «أسطورة ألم» و«حكاية معاناة».
شريهان الراقدة في غرفة معقمة ممنوعة من الحركة، من الكلام من الابتسام وحتى من البكاء! ممنوعة من كل شيء عدا شيء واحد اسمه «الدعاء».
يدعو كل نبض في جسدها الله أن ينجيها من المحنة كي تكمل مشوار أمومتها مع ابنتها لولو.
تدعو كل دقة في قبلها الله أن يمنحها الشفاء من الأزمة التي أصابت روحها قبل جسدها ومزقت أحلامها.
كان عليها، وهي راقدة، لا حول ولا قوة لها أن تتماسك متسلحة بإرادتها التي لم تخذلها يوماً.
أصبحت عن جدارة، صاحبة لقب «نجمة الأحزان».
النجمة التي أضاءت حياتنا بالفن والسعادة والبهجة واحتفظت لنفسها بالوجع والتعاسة والآلم، هل ستعود إلينا مرة أخرى؟
سؤال تجيب عنه الأيام المقبلة!
سين جيمما هو قانونك في التعامل مع الآخرين؟
أكره أن يزعل مني أحد، إلى درجة أنني أعجز عن النوم إذا عرفت أن شخصاً ما يحمل في داخله ضيقاً مني أو رغبة في عتابي.
عنيدة؟
جداً، هذه الصفة هي أكبر سيئة في شخصيتي لأنها تلعب ضدي وتدمرني.
أصدقاؤك كثر؟
أي إنسان أرتاح إليه يدخل قلبي وأفضفض له بكل ما عندي لذلك ليس عندي «أسرار».
إذا عاد بك الزمن إلى الوراء، هل تختارين المشوار نفسه؟
نعم، لكن سأعيد حساباتي حول بعض الأشخاص واختياراتي وأسلوب تعاملي. عشت أضعاف عمري الحقيقي وخدعت من كثيرين، من إنسان أحببته ومن صديقة إئتمنتها على أسراري ومن صديق ساعدته على اجتياز أزمات لا حصر لها ومن أقارب ضحيت من أجلهم.
ما هو أول شيء يلفت نظرك في الشخص؟
ساعته وحذاؤه وأظافره.
وإذا كان امرأة؟
حذاؤها وحقيبتها وطريقة تبرجها.
ما هي كلمة السر في أناقتك؟
تعلمت الأناقة من الاسماك. عندما أمارس هواية الغطس أجد ألوانها غريبة جدا لا يمكن تخيل تركيبتها، مثلاً الكحلي مع البني والأزرق مع الأسود والأصفر مع الكحلي لذلك اعتبرت هذه الكائنات الصغيرة مصممة أزيائي وسرقت أفكاري منها وقلدتها.
ما هو برجك؟
القوس.
ماذا ترفضين في شريهان؟
الإسراف والتسرع.
هل تجيدين فن العلاقات العامة؟
نعم، عدا شيء واحد أعتبره من عيوبي: «التليفون» لا أحبه ولا أرد على المكالمات!