هل يناير شهر فضيل؟
تأتي اليوم ذكرى مهمة، وهي افتتاح جلسات أول مجلس أمة في 29 يناير 1963 التي بدأت من خلالها المسيرة الديموقراطية. ولعله من قبيل المصادفات الحسنة ربما أن يتزامن هذا التاريخ مع تولي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الإمارة.
يمثل شهر يناير بأحداثه وتاريخه محطات أساسية للبناء الديموقراطي في الكويت، ففيه وخلاله تم وضع أولى لبنات النظام الدستوري، الذي ظل، وعلى الرغم من كل السقطات والانتكاسات، يمثل المرجعية التي يضطر المجتمع للعودة إليها.. وبالذات في أوقات الأزمات والانكسارات الحادة التي مر بها مجتمعنا الصغير.ففيه جرت أول انتخابات نيابية وفيه بدأ المجلس التأسيسي الذي وضع الدستور أعماله وفيه كانت تُجرى كل انتخابات مجالس الأمة حتى عام 1975 والذي تراجعت من بعده الأمور حين تم الانقلاب على الدستور في أغسطس 1976.وفي هذا الإطار تأتي اليوم ذكرى مهمة، وهي افتتاح جلسات أول مجلس أمة في 29 يناير 1963 التي بدأت من خلالها المسيرة الديموقراطية. ولعله من قبيل المصادفات الحسنة ربما أن يتزامن هذا التاريخ مع تولي سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الإمارة، لكن من خلال مجلس الأمة وتفعيل قانون توارث الإمارة منذ عامين فقط، فكان أن لعب مجلس الأمة دوره المفترض في تثبيت استقرار البلاد. إلا أن ذلك يجب ألا يجعلنا نغفل الحقيقة العارية بأن الممارسة السياسية حتى في ذلك الوقت كادت أن تخرج عن جادتها بعد سنة واحدة فقط من بدء جلسات مجلس الأمة، حيث اشتعلت أزمة المادة 131 من الدستور التي كادت أن تعصف بالنظام الديموقراطي في بداياته، ولولا وجود نخبة سياسية واعية وحريصة على تعزيز المكاسب الدستورية واستقرارها، لربما «تفلشت» تلك المسيرة الديموقراطية في بداياتها. فالدور الذي أداه سمو الأمير الشيخ عبدالله السالم الذي رفض حل مجلس الأمة وأصرّ على حل الحكومة وإعادة تشكيلها بالإضافة إلى الدور التوافقي الذي أدته القوى الوطنية مثّلا صمام أمان لاستمرار تلك المسيرة. وكان بيت الشعر الشهير الذي ألقاه الشيخ عبدالله السالم آنذاك معبرا عن واقع الحال:تهدى الأمور بأهل الرأي ما صلحتفإن تولت فبالأشرار تنقادفليس من المفيد على أي حال تمجيد وتعظيم الممارسة السياسية في ما مضى من الزمان، وتصويرها وكأنها كانت على ما يرام ما يقودنا إلى الدعوة لمراجعة جذرية لأدوات وهياكل العملية السياسية برمتها على أن تبدأ تلك المراجعة بغربلة القوانين كافة المناقضة للدستور وإلغائها أو إحالتها إلى المحكمة الدستورية، وتعديل قانون المحكمة الدستورية بما يسمح للمواطنين اللجوء إليها بصورة مباشرة من دون وسطاء من السلطات الثلاث، وإصدار قانون للأحزاب السياسية بدلاً من عملها السري أو غير المقنن، واستحداث إجراءات لائحية أو قانونية لمحاسبة النواب حال انحرافهم أو استغلال نفوذهم وتعديل القوانين كافة المناوئة للحريات العامة والخاصة.لا أدري إن كنا بحاجة إلى إقامة الانتخابات في شهر يناير كجزء من حملة الاصلاح.. مَن يدري؟